بإعتراف جميع خبراء الإحصاء والمتابعين لتحضيرات الإنتخابات النيابية المقبلة والمقررة في الربيع المقبل، من المتوقع أن تشهد دائرة كسروان الفتوح – جبيل معركة إنتخابية ستكون من بين أقوى المعارك في لبنان ككل.
لماذا؟ لأنها تاريخياً عرين الموارنة ومن يفوز بها يضع له رجلاً على حلبة معركة رئاسة الجمهورية المنتظرة في تشرين الأول من العام 2022. من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مروراً بالنائب السابق نعمة افرام وصولاً الى رئيس تيار المرده النائب السابق سليمان فرنجية، جميعهم مهتمون بهذه الدائرة أكثر من أي دائرة أخرى وجميعهم ينظرون بعين الى نتيجة الإنتخابات النيابية المقبلة وبعين أخرى الى كرسيّ بعبدا.
في المشهد العام الكسرواني بدأت ترتسم ملامح نواة أربع لوائح إنتخابية حتى اليوم وتتوزع على الشكل التالي:
لائحة للتيار الوطني الحر قوامها كما يبدو، الوزيرة السابقة ندى بستاني خوري والنائب روجيه عازار علماً أن المعلومات تفيد بأن المخرج شربل خليل يميل ايضاً الى خوض الإنتخابات وكونه إبن حراجل إحدى أكبر بلدات الجرد، لن يتعارض ترشيحه في حال حصل مع عازار إبن الفتوح (عرمون) وبستاني إبنة الساحل الكسرواني (عين الريحانة).
ومن بين الأسماء التي يمكن أن يرشحها التيار عن منطقة الجرد الوزير السابق منصور بطيش علماً أنه يكرر في جلساته عدم رغبته بالترشح. كذلك تتردد معلومات عن أن قيادة التيار، بعثت برسالة الى النائب السابق منصور غانم البون، مفادها أن مقعده محفوظ على اللائحة في حال قرر هو ذلك، وهنا لا بد من الإشارة الى أن غانم البون في كسروان يشكل صيداً إنتخابياً ثميناً للوائح المتنافسة، كونه قادر على تجيير حوالى 5 أو 6 آلاف صوت للائحة التي يترشح على متنها. أما في جبيل، فيبدو أن قيادة التيار لم تحسم بعد مسألة إعادة ترشيح النائب سيمون أبي رميا وسط طرح القيادي في التيار طارق صادق نفسه لخوض المعركة، ووسط معلومات تتردد عن نية لدى المحامي وديع عقل في الترشح أيضاً.
اللائحة الثانية، يؤلفها النائب السابق نعمة افرام مع حزب الكتائب والكتلة الوطنية ومرشحين من مجموعات المجتمع المدني، وقد حسم فيها حتى اليوم أمر ترشيح الوزير السابق سليم الصايغ عن الكتائب الى جانب إفرام، وكذلك ترشيح المهندس وجدي تابت نجل خليل تابت الرئيس السابق لبلدية عجلتون، إضافة الى المحامية جولي دكاش (من العقيبة متأهلة الى فاريا) أو زوجها المحامي نضال خليل الرئيس السابق لبلدية فاريا. أما المقعد الخامس فهناك حديث مع المرشح السابق هنري صفير لدعم محام مقرب منه يسمّيه على اللائحة. وفيما خص قضاء جبيل، لم تتضح بعد أسماء المرشحين الذين ينوي افرام التحالف معهم.
اللائحة الثالثة هي لائحة القوات اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار، وما حسم منها حتى اليوم هو ترشيح النائب شوقي الدكاش وعن جبيل النائب زياد الحواط وهناك حديث عن نية ضم القاضي السابق بيتر جرمانوس الى اللائحة. المعلومات تفيد بأن نقيب المقاولين مارون الحلو (أحرار سابق)، رفض عرضاً بالإنضمام الى هذه اللائحة. كذلك تسعى القوات الى ترشيح وجوه شبابية على لائحتها عرفت بمواقفها الداعمة لثورة "17 تشرين".
أما اللائحة الرابعة فيعمل على تأليفها النائب فريد هيكل الخازن. ويحكى أنها ستضم وزير الإعلام جورج قرداحي (فيطرون). بين دورة 2018 ودورة 2022، تعرّض الخازن لنكسات إنتخابية، أولها ترك حزب الكتائب للائحته وإنضمامه الى لائحة افرام – المجتمع المدني، وثانيها، ما يحكى عن إحتمال تخلي النائب السابق فارس سعيد عنها أيضاً. وإذا ترك سعيد الخازن فعلاً، يصبح فوز الأخير بخطر على إعتبار أن لائحته فازت بمقعدين في الدورة السابقة بعدما حصلت على نسبة 1،4 % من الأصوات، أي ما يعادل حاصلاً واحداً للخازن بينما فاز معه النائب الراحل مصطفى الحسيني بالكسر الأعلى. في كسروان أيضاً، هناك معلومات غير محسومة بعد عن إنضمام النائب شامل روكز الى لائحة الخازن، وفي حال لم يحصل ذلك، لن يبقى أمام روكز إلا تشكيل لائحة من وجوه غير معروفة وبحظوظ معدومة بالفوز.
هذا في الشكل، أما في الحسابات، فيمكن الحسم بأن سعي باسيل هو للخروج من المعركة بأقل خسائر ممكنة، أي بمعنى آخر الحفاظ على مقعد له في جبيل، وعلى مقعدين في كسروان. في جبيل يبدو الأمر سهلاً أمامه أما في كسروان فالأرقام تشير الى مقعد محسوم وآخر بخطر وهذا ما تعمل على معالجته قيادة التيار. وعلى عكس كل ما يتردد، لن يكون هدف باسيل في المعركة، إسقاط افرام وهو يعرف جيداً أن مسألة إسقاطه صعبة لا بل مستحيلة. في المقابل يسعى افرام الى الفوز بمقعد ثان في كسروان، والأرقام تشير الى إقترابه من تحقيق هذا الفوز، خصوصاً إذا تحالف مع النائب السابق فارس سعيد الذي يجمع المتابعون على أن حظوظ فوزه شبه معدومة. أما القوات فتسعى الى الفوز بمقعد ثان في كسروان إضافة الى مقعدي الدكاش والحواط المحسومَين بالنسبة اليها، لكن ذلك لن يكون بالأمر السهل.
يبقى، الصوت الشيعي صاحب التأثير الكبير في المعركة كون كتلته الناخبة تقارب العشرة آلاف صوت. وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن حزب الله، وقبل أحداث الطيونة الأخيرة، كان يميل الى عدم تكرار تجربة لائحة الشيخ حسين زعيتر التي خسرت إنتخابات العام 2018 وحرمت حلفاء الحزب من اصواته بل الى دعم لائحة التيار الوطني الحر على أن تضم هذه الأخيرة مرشحاً شيعياً لا ينتمي الى حزب الله ولا ينفّر جماهير الحزب، أي كما كانت الحال مع النائب السابق عباس هاشم. بعد أحداث الطيونة وموقف باسيل منها الذي لم يتلاق مئة بالمئة مع موقف الثنائي الشيعي، علينا أن ننتظر لمعرفة خيار الحزب النهائي في دائرة كسروان – جييل كي يبنى على الشيء مقتضاه وفي حال دعم حزب الله التيار تصبح مهمة باسيل أسهل بكثير مما هي عليه اليوم.