صحيح أن مأزق الخطاب السياسي الإنتخابي الذي سيعتمده التيار الوطني الحر في إستحقاق العام 2022 هو الأصعب لناحية تخطيه، ولكن هذا لا يعني أبداً أن مأزق التحالفات والخلافات القائمة في بعض الدوائر بين مرشحيه، سيكون حلّه سهلاً على رئيس التيار النائب جبران باسيل وعلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي سيسعى في نهاية عهده وحياته السياسية الى الحفاظ على ما تبقى من حالة شعبية وسياسية راكمها منذ أن كان قائداً للمؤسسة العسكرية.
على صعيد التحالفات، وضع "التيار" حدّث ولا حرج، وهناك دوائر كدائرة الشمال الثالثة مثلاً (البترون – الكورة - زغرتا وبشري) قد يكون من الصعب جداً على "التيار" أن يجد فيها من يتحالف معه.
نعم في الدائرة التي يترشح فيها رئيس التيار، القوات اللبنانية التي تحالف معها في الإنتخابات البلدية عام 2016 أصبحت ضده بعد سقوط تفاهم معراب. تيار المستقبل الذي أبرم معه التسوية الرئاسية، ضده. تيار المرده حليف العام 2005 أيضاً ضده، حزب الكتائب أيضاً ضده، مجموعات المجتمع المدني التي أفرزتها إنتفاضة " 17 تشرين" حُكماً ضده، الحزب السوري القومي الإجتماعي يميل الى أن يكون ضده، حركة الإستقلال برئاسة ميشال معوض لن تتحالف معه بعد تحالف العام 2018 وخروج معوض من تكتل لبنان القوي.
أيضاً وأيضاً ضمن مأزق التحالفات، يبدو أنه لن يكون من السهل على حزب الله تخطي الخلاف الحاد القائم بين التيار وحركة أمل، الأمر الذي يجعل السؤال مشروعاً، هل يتخلى حزب الله، الحليف الأخير للتيار عن شريك تفاهم مار مخايل في الإستحقاق المقبل بحجة الحفاظ على الثنائي الشيعي مع الحركة؟
بين مأزق الخطاب السياسي، ومأزق التحالفات، يعاني التيار الأمرين في بعض الدوائر من الخلافات العلنية القائمة بين مرشحيه. ففي دائرة صيدا - جزين مثلاً، قد لا يمر يوم من دون أن يتراشق فيه النائب زياد أسود الإتهامات وعبر وسائل التواصل الإجتماعي، مع النائب السابق أمل أبو زيد الذي فاز في إنتخابات التيار الداخلية التأهيلية التي لم يشارك فيها أسود.
وحتى لو أنهم لن يفوزوا بأي مقعد نيابي، فبمجرد تعليق صورهم في الشوارع وخوضهم المعركة ضد تيارهم السابق، ستُحرج التيار إنتخابياً ترشيحات القادة العونيين الذين فصلتهم القيادة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تخيلوا أن نعيم عون إبن شقيق الرئيس عون سيترشح في بعبدا ضد النائب آلان عون إبن شقيقة رئيس الجمهورية، ومع نعيم على اللائحة عينها سيكون "رفيق" آلان السابق رمزي كنج. وتخيلوا أيضاً أن طانيوس حبيقة المنسق السابق لقضاء المتن ومسؤول ماكينة التيار التي أوصلت النائب ابراهيم كنعان الى الندوة البرلمانية، سيكون مرشحاً ضد التيار في المتن الشمالي.
فعلاً التيار الوطني الحر في مأزق إنتخابي حقيقي، ومن هنا يأتي سعيه الى ترك الإنتخابات النيابية في موعدها المحدد في أيار 2022 وسيواجه بكل ما لديه من وسائل تقريب موعدها الى السابع والعشرين من آذار 2022 آملاً بأن يحدث تغيير داخلي أو إقليمي ما بين آذار وأيار، قد يعيد عقارب الساعة ولو جزئياً الى الوراء.