مارون ناصيف
قبل السابع من أيار من العام 2005، خاض العونيون معركتين إنتخابيتين نيابيتين، واحدة في العام 2001 مع غبريال المر ضد مرشحة السلطة ميرنا ميشال المر، والثانية في العام 2003 مع حكمت ديب في بعبدا – عاليه ضد هنري حلو مرشح الحزب التقدمي الإشتراكي وقوى السلطة مجتمعةً.
وبعد السابع من أيار 2005، لم يغب التيار الوطني الحر عن أي معركة إنتخابية حتى ولو كانت فرعية وصعبة كفرعية العام 2007 في المتن التي فاز فيها كميل خوري على الرئيس أمين الجميل، وفرعية جزين 2016 التي فاز فيها أمل أبو زيد.
قبل السابع من أيار وبعده وتحديداً في دورات 2005 و2009 و2018، لم يكن التيار الوطني الحر في مأزق إنتخابي كما هو اليوم عشية إنتخابات العام 2022.
مأزق إنتخابي على كل المستويات، بدءًا من الخطاب السياسي مروراً بالتحالفات، وصولاً الى الخلافات بين مرشحيه.
وإذا إعتبرنا أن الخلافات بين المرشحين يمكن أن تعمل قيادة التيار على حلها، وقد تنجح بتخطي أكثريتها، وأن رئيس التيار النائب جبران باسيل سيضع كل ما تبقى لديه من صداقات وعلاقات لترتيب مسألة التحالفات، يبقى السؤال الأهم والأبرز والأصعب من حيث الإجابة، ماذا عن الخطاب السياسي؟
في إنتخابات العام 2005 كانت أكثر من كافية عودة "الجنرال" من نفي دام 15 عاماً وإنتهى مع تحرير لبنان من الإحتلال السوري، لتحقيق التسونامي الإنتخابي الذي إعترف به النائب وليد جنبلاط، وساهم بتحقيقه الى حد كبير التحالف الرباعي (حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب الإشتراكي) الذي إنضمت اليه القوات اللبنانية في دائرة بعبدا - عاليه والذي كان يهدف يومها الى عزل الحالة العونية وتطويقها سياسياً في مجلسي النواب والوزراء.
في إنتخابات العام 2009، كان التيار قد أصبح داخل مؤسسة مجلس الوزراء بعد مشاركته للمرة الأولى في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية التي تشكلت عام 2008، لذلك خاض الإنتخابات بشعارات مكافحة الفساد وإعادة بناء المؤسسات المهترئة، إضافة الى "رجع الحق لأصحابو" إنطلاقاً من قانون الإنتخابات الجديد الذي حسّن التمثيل المسيحي والذي إعتبر التيار أنه كان من بين الذين سعوا لفرضه خلال تسوية الدوحة الشهيرة.
أما في إنتخابات عام 2018، التي أجريت بعد سنتين على إنتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، فخاض التيار الإنتخابات بشعارات الرئيس القوي والعهد القوي مدغدغاً مشاعر الناخبين بنظرية أن "الرئيس القوي بحاجة الى كتلة نيابية كبيرة تدعمه".
كل هذه الشعارات، لم تعد تنفع في إنتخابات العام 2022. فبعد الوصول الى رئاسة الجمهورية وبعد الفوز بأكبر كتلة في مجلس النواب، وبحصص الأسد الوزارية في الحكومات المتعاقبة، ماذا سيقول التيار للناخبين في الإستحقاق المقبل؟ كيف سيبرر إنهيار المؤسسات وتحللها في عهده؟ وكيف سيتخلص من شبح إنفجار مرفأ بيروت؟ هل سيتمكن من تبرير إنهيار الليرة وإرتفاع سعر صرف الدولار الى ما فوق الـ23000 ليرة؟ وماذا سيقول عن أسعار المحروقات والأدوية ورغيف الخبز وعن إنقطاع هذه المواد المعيشية الأساسية أحياناً؟
أمام سقوط كل الشعارات، قد لا يبقى أمام التيار إلا شعار "ما خلّونا" لخوض المعركة الإنتخابية المقبلة على أساسه.