آخر ما كانت تتوقعه قيادة القوات اللبنانية هو أن تتحول ثورة " 17 تشرين" التي ركبت معراب موجتها للتصويب على خصومها التقليديين وعلى رأسهم التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، الى نقمة إنتخابية تشغل بال رئيس القوات سمير جعجع وتتحول الى شغله الشاغل.
نعم، آخر ما كانت تتوقعه قيادة القوات، هو أن يصبح جعجع مضطراً الى إضاعة ساعات وأيام وأسابيع وقد يكون أشهر من وقته لوضع خطة إنتخابية تسمح له أن يأكل منفرداً صحن " التشرينيين " في صناديق الإقتراع وأن يستثمر تبدّل المزاج الشعبي الرافض للأحزاب بكتلة نيابية كبيرة، محاولاً أولاً تمرير أن القوات هي الثورة الحقيقية ولا ينطبق عليها شعار "كلن يعني كلن" وثانياً الإستفادة من عدم توحّد قوى الثورة بلائحة واحدة متماسكة الأمر الذي قد يؤدي الى خسارتها الإنتخابات.
ولكن كي يأكل جعجع صحن الثورة إنتخابياً عليه أن يحضّر طبخة يمكن أن تخدع جماهير" 17 تشرين" علماً أنه مهما حاول لن يتمكن من خديعة مجموعات الثورة التي كشفت مخططه ورفضت بغالبيتها الساحقة التحالف مع القوات.
لكل ما تقدم لم تعد القوات تفكر إلا بكيفية ترشيح شخصيات معروفة يسمح لها نشاطها عبر وسائل التواصل الإجتماعي بأن تلبس ثوب الثورة، ومن هنا تكشف المعلومات أن من بين الأسماء البارزة التي تفكّر القوات بترشيحها يأتي إسم مفوّض الحكومة السابق لدى المحكمة العسكرية القاضي المستقيل بيتر جرمانوس وهو إبن بلدة قرطبا الجبيلية على أن يتم ترشيحه عن منطقة الجرد الى جانب النائب السابق زياد الحواط الذي يبدو أن قرار إعادة ترشيحه عن منطقة الساحل الجبيلي قد إتخذ في معراب.
من جبيل الى جارتها كسروان حيث من الممكن ان ترسو الترشيحات القواتية، وبالإضافة الى النائب شوقي الدكاش، إما على الممثلة والكاتبة كارين رزق الله التي تنشط كثيراً على تويتر في الآونة الأخيرة بمواقف نارية شبه يومية ضد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وإما على مذيعة محطة الـmtv الإعلامية نبيلة عواد المعروفة بتأييدها للقوات والثورة يوم كانت القوات مع الثورة وبموقفها من التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية قبل الثورة وبعدها.
وليس بعيداً من خطة تطعيم اللوائح القواتية بمرشحين قد تعتقد شريحة من الرأي العام أنهم من الثوار الحقيقيين غير المنتمين الى الأحزاب، جاءت إعلان الجبهة السياسية بين القوات وحزب الوطنيين الأحرار من مقر الأحرار في السوديكو، وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن القوات أصرت على دعوة المرشح عن دائرة بيروت الثانية ميشال فلاح الى حضور الإعلان عن الجبهة في محاولة منها للتقرب منه وهو المحامي المعروف بتأييده للثورة علماً أن فلاح معروف بعلاقته الجيدة برئيس تيار المستقبل سعد الحريري وفي حال قرر الأخير ترشيحه على اللائحة الزرقاء قد يذهب باتجاه اتخاذ قرار القبول.
خطة القوات مكشوفة ومعروفة الأهداف بالنسبة الى مجموعات الثورة، وعندما تسأل هذه الأخيرة عما تحاول القوات تسويقه عبر ناشطيها على وسائل التواصل الإجتماعي عن سبب قبولها بالتحالف مع حزب الكتائب (علما ان الأمر لم يبتّ بعد بالنسبة للمجموعات الكبرى) ورفضها القوات، يأتي الجواب إن "رئيس الكتائب إستقال من مجلس النواب بينما لم يقدم نواب كتلة الجمهورية القوية على خطوة كهذه وفيما لو فعلوا ذلك لأحرجوا نواب التيار الوطني الحر ودفعوهم بإتجاه الإستقالة ولكنا قد ذهبنا الى إنتخابات مبكرة".
أيضاً وأيضاً من الأمور التي ترفضها مجموعات الثورة وتسوّق لها قيادة القوات هو شعار المجتمع المدني السيادي وهنا المقصود بالسيادي بحسب مفهوم القوات، المجموعات التي تجاهر بموقفها الرافص لحزب الله والحاد منه، بينما المقاربة بحسب مجموعات الثورة يجب أن تنطلق دائماً من شعار "كلن يعني كلن".
في المحصّلة، يصب جعجع كامل تركيزه إنتخابياً على مجموعات الثورة وجمهورها، متناسياً أن خصمه اللدود أي باسيل يعقد في اليوم الواحد عشرات الإجتماعات الإنتخابية بين البترون واللقلوق والرابية وميرنا الشالوحي، وهو يضع نصب أعينه كيفية الفوز على القوات ومجموعات الثورة معاً. ورغم كل ما حصل من تغييرات وتبدلات شعبية ومن عقوبات أميركية وإغتيال سياسي له في الشارع، فإن جبران ليس بالخصم السهل.