أزمة المحروقات ليست كما غيرها من الازمات لانها العنصر الأساس لجميع القطاعات الحيويّة والتي لا يمكن استثناء أي منها. هذا الأمر يسبّب الهلع عند اللبنانيين الذين يعيشون فقدان الأدوية وارتفاع أسعار السّلع الغذائية، فكيف إذا سيطرت العتمة على منازلهم وفرغت سيارتهم من الوقود ومنعتهم من الوصول إلى المستشفيات التي قد ترفض استقبالهم لأنها تعيش الاسوأ لناحية تأمين المستلزمات الطّبية .
البارحة، أعلنت المديرية العامة للنفط انها "بحكم معطيات الامر الواقع المعلن لرأي العام واصحاب القرار تعلن التوجه الزاميا للتوقف عن تسليم مادة المازوت" في حين انها صرحت لاحد الوسائل الاعلامية المرئية "انها لم تستطع متابعة موضوع شح المازوت بسبب عطلة الاضحى ولكنها ستتواصل مع مصرف لبنان يوم غد".
موقع lebanonOn، حاور رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط، جورج فياض عن هذه المعضلة التي يبدو أفقها مسدودا والمعالجة تحصل "بالقطعة". فياض شدّد على أنّ الكمّيات المستوردة لا تغطّي الاستهلاك اليومي، لاسيما مادة المازوت، بعدما تضاعفت الحاجة لها بسبب الانقطاع الحادّ للتياّر الكهربائي. فعلى سبيل المثال، كانت ساعات الانقطاع لا تتجاوز ال3 ساعات في بيروت و6 ساعات في الجبل، ولذا كانت هذه الكمية التي يؤمّن مصرف لبنان دعمها تكفي حاجة المولّدات، لكن مع تزايد ساعات التّقنين الى 20 ساعة أصبح الاستهلاك مضاعفا ان لم نقل اكثر، وهذا الامر يؤدي الى استهلاك ما يتم استيراده بشكل اسرع لافتاَ إلى أنّ الشركات المستوردة تحصل على موافقات لاستيراد كميات توازي تقريباً 5 بواخر لمادة المازوت شهريّاً، في حين تحصل منشآت النّفط التّابعة لوزارة الطّاقة على باخرتين من مادة المازوت شهريّاً. وإنّ المخزون الذي كان يكفي من 12 إلى 15 يوماً بات يُستَهلك خلال أسبوع، وعندها ننتظر موافقة مصرف لبنان لاستيراد كميات اخرى.
وأضاف فيّاض: "إنّ عملية توزيع المازوت تختلف عن البنزين الذي توزّعه الشركات على المحطّات الخاصّة بها في حين يوزّع القسم الآخر عبر شركات توزيع. أمّا مادة المازوت، فتوزّع بعدة طرق، منها عبر الشّركات وصهاريجها الخاصّة وأخرى عبر شركات توزيع، حيث يتمّ توزيعها على المصانع والمستشفيات وغيرها من المؤسّسات، وهذا يعني انها غير مرتبطة بالمحطّات بشكل مباشر" .
وشدّد فيّاض على أنّ عمليّة عدم تفريغ المشتقّات النّفطية وإبقائها بالبواخر ينتج عنه كلفة رسو البواخر ليوم واحد يتجاوز ال20 ألف دولار وهذا الأمر لا يمكن تحمّله الا في حال هناك سبب يمنع إفراغها ويعود إمّا إلى عدم تسديد المبالغ المستحقّة للبواخر التي افرغت في وقت سابق او لم يتم فتح اعتماد للبواخر الرّاسية. وقال: "اليوم هناك باخرتا مازوت وبنزين في حين ان هناك باخرتي مازوت إذا ما توفّرت لهم الموافقات والاعتمادات يمكن ان يصلوا الى لبنان خلال 5 أيام ".
أما بالنسبة لعمليّات التّهريب وتأثيرها على نفاذ مادة المازوت، رأى فياض أن الأرباح التي يحقّقها البعض من السوق السوداء تتجاوز أرباح التهريب، وهذا هو الواقع الحالي بسبب الهلع من انقطاعها مؤكّداً أنّ عمليّة التّسليم من مستودعات الشّركات تخضع لأصول واضحة تحت رقابة الجمارك وتسجّل فيها لوحات الصهاريج ووجهتها، منعاً لأيّ إمكانيّة للتهريب، لكن لا يمكن ضمان حصول عمليات التهريب من المحطات، وعندما يتم تبليغ الشركات من قبل مديرية النّفط عن المحطات التي تقوم بالتهريب، يمتنعون، فوراً، عن تزويدها.