منذ أيام قليلة، غرّد النائب الياس بو صعب على حسابه عبر "تويتر"، قائلا: "زمن فبركة المقالات وتوزيعها على الاعلاميين لنشرها تحت مسمى "مصدر معني" لم يعد يصلح في عصرنا هذا. اطلعت على ما تحاولون نشره باكثر من صحيفة للرد غير المباشر على مقابلتي وانتظر من سيتبنى مقالاتكم هذه المكتوبة من بعض مستشاريكم غير المعلنين، لكن تذكروا ان الادلة سترتد سلبا عليكم".
التغريدة، لم تكن مفهومة الّا للقلّة من المواطنين المتابعين للشأن السياسي، بالرغم من الحملة التي شنّت عليه بعد حديثه التلفزيوني الاخيرة وتناوله ملف ترسيم الحدود.. ولكنّها اتّضحت اليوم على ضوء خروج المدير العام السابق في وزارة الإعلام محمد عبيد شخصيا- وبعد عدم تجاوب الاعلام مع الحملة المكتوبة باسماء مستعارة- في مقابلة تلفزيونية لمهاجمة بو صعب بطريقة مباشرة، اوحت بشخصنة المسألة، الامر الذي دفع حتّى بمقدمة "نهاركم سعيد" الاعلامية ندى اندراوس عزيز للقول للاخير: "شو عندك شخصي مع الوزير بو صعب؟"، مع اصرار عبيد على عدم السماح لها بقراءة بيان سبق ووضّح فيه بو صعب كلّ لغط حاصل في هذا الاطار.
في المقابلة، التي وبالمناسبة، تمّ الترويج لها من قبل احد اعضاء الوفد المفاوض في ملف ترسيم الحدود مع دعوات لمتابعة عبيد "وما سيكشفه"، كال الاخير الاتهامات لبو صعب. وفي حين تبجّج أنه ناقش مع "الفرنسيين" دون ان يعرف باي صفة، شأن ترسيم الحدود وشارك في مؤتمرات فرنسية والى ما هنالك، خرج الرجل ليسأل: "من يكون بو صعب ليناقش مثل هذا الملف؟" . الرد يأتي هنا على لسان المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية، الذي اوضح في الثاني من تمّوز ان الرئيس ميشال عون ناقش مع النائب بو صعب ملف ترسيم الحدود، "انطلاقا من حرص الرئيس على استمرار الاتصالات لمعالجة الملف"، كما أورد مكتب القصر. فكيف يكون النائب والوزير، المقرّب من الرئيس والذي يناقش معه هذا الشأن، مدّعي صفة أو انه يقوم بأي عمل من دون اطلاع الرئيس عون وموافقته؟ علما أن بو صعب كان قد اوضح في اكثر من مناسبة أنه ليس بمفاوض، وأن دوره اقتصر على نقل وجهات النظر بين الرئيس و"الوسيط" في ملف الترسيم.
عبيد يورد في خضمّ المقابلة، أن الرئيس اتصل ببو صعب أمام الوفد المفاوض، مقتطعا الصورة، التي شملت ايضا ان الرئيس قال للوفد "فلنتصل ببو صعب لنرى ما هي وجهة نظر الوسيط". وتشير المعلومات في هذا الاطار الى ان ما نقله الوزير بو صعب للرئيس عن لسان الوسيط الاميركي "ان الجولة الاولى التي حصلت لم تكن ايجابية ولن يكون هناك جولة ثانية في اليوم التالي"، وهذا ما حصل فعلا وما يؤكد يقينا ان "الامور ما كانت ماشية". وبالتالي الاتهامات التي عبرت عن انزعاج البعض من كلام بو صعب الصريح، هي محاولات اضافية لتضليل الرأي العام لأهداف باتت معروفة.
فما تحدّث عنه بو صعب، عن كون الخط 29 خطا تفاوضيا لا حقوقيا، كلام ليس بجديد، والحديث عن خطّ جديد، كلام موجود فعلا وسبق لصحف ووسائل اعلام عدّة ان خرجت به الى العلن. وهذا ما يزعج البعض اليوم. خروج بعض الحقائق – التي بالمناسبة يعرفها الطرف اللبناني والوسيط والعدو- الى الرأي العام اللبناني، وانتفاء القدرة على حجبها من قبل امثال المدير العام السابق لوزارة الاعلام و الموضوع بالتصرف منذ سنوات طويلة.
كل ذلك، محاولة لحرف النظر عن خلاف اساسي قائم اليوم عنوانه "توقيع مرسوم توسيع الحدود او عدم توقيعه"، ومحاولة تخوين عامة وصولا الى الرئيس عون في هذا الاطار بالرغم من موقفه الواضح في الحفاظ على حقوق لبنان كاملة. عدم توقيع المرسوم لا يعني "تخوين" عون، لأن مثل هذه الخطوة تتطلب توقيع مجلس وزراء مجتمعا وهنا بيت القصيد، وهذا ما سبق ان قاله الوزير بو صعب في العام 2019 . وان كان البعض يسأل: "من هو بو صعب ليناقش الامر مع الرئيس او السفير الفلاني او الوسيط الفلاني، نقول: دوره كان واضحا كما عبّر عنه في مقابلته او من خلال البيان او من خلال ما سمعه الوفد خلال لقائه بالرئيس علما انه هو الذي احال ملف تعديل المرسوم الى مجلس الوزراء حينها ". والى من يعطي نفسه ادوار اعلامية و يعمل على تخوين الاخرين وحرف الحقائق عن مسارها نقول: "بصفتك شو ؟".