منذ ما يقارب القرن، انقسم دروز لبنان الى معسكرين غير متوزانين بين جنبلاطي وارسلاني، الا ان كفة زعيم المختارة كانت لها الارجحية في القرارات السياسية الكبيرة، في حين ان النائب طلال ارسلان كان يدور في فلك محور آخر يدعمه في مواجهة جنبلاط .
لم تبق الساحة الدرزية بمنأى عن الانقسامات بفعل العامل السوري والوجود الدرزي في سوريا، والذي يعيش هاجس البقاء في ظل الصراعات الجارية على الارض السورية، التي باتت ساحة للصراعات المحلية والاقليمية والدولية.
البارحة، انعقد اللقاء الدرزي الثلاثي الذي جمع جنبلاط وارسلان والوزير السابق وئام وهاب الذي دخل المعترك السياسي كقوة درزية ثالثة، ورغم تموضعه في المحور الذي ينتمي اليه ارسلان، الا انهما لا يشكلان فريقا واحدا الا عندما يفرض عليهما امر واقع التكتل في مواجهة جنبلاط.
اللقاء انتهى مع اصدار بيان عن نتائج هذا اللقاء وخفتت موجة التكهنات او التسريبات عن اهداف انعقاده، الا ان ما رجح عنه ومن خارج مضمون البيان الرسمي، يؤكد ان موضوع مشيخة العقل ورئاستها كان من ابرز المواضيع، حيث تسربت معلومات عن امكانية التوافق على اسم احد المشايخ لرئاستها والمجلس المذهبي الدرزي .
وبالطبع قبل الولوج الى ما تم التطرق اليه خارج اطار ترتيب البيت الداخلي فيما يتعلق بالمؤسسات، لا بد من طرح الاشكالية التي سبقت هذا الاجتماع لناحية محاولة ارسلان تحييد الوزير السابق وهاب لتثبيت الثنائية الدرزية، في محاولة لتدعيم موقفه كممثل للمعارضة الدرزية بوجه "بيك المختارة"، الا انه لم يستطع اقصاءه عن الساحة وهو الذي وقف الى جانبه في عدة محطات.
على الصعيد الداخلي، وفي ظل الاحتقان الاجتماعي الذي يمكن ان يتفجر باي لحظة، ومنعا لربط النزاع بحادثة الشويفات والبساتين، تقرر انشاء مظلة سياسية اجتماعية ومعالجة الاوضاع الاقتصادية لاهل المنطقة، بعيدا عن الفئوية مع احترام تعددية الاتجاهات والنظرة الخاصة بالثلاثي تجاه العلاقة مع سوريا والاطراف الداخلية.
ليست المرة الاولى التي تتحد فيها طائفة الموحدين الدروز في مواجهة الازمات، لاسيما ان ما يحصل من انهيار على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي قد يتجه الى الفوضى، ولذا كان لا بد من وضع الملفات الخلافية الكبيرة في الادراج والاقفال عليها لمصلحة الجبل واهله.