مارون يمّين
يبدو انّ العودة التدريجية الى المدارس لن تكون بالأمر السهل على الطلاب اللبنانيين وأهلهم. كلنا نعي اهمية عودة الطالب الى صفوفه والتواجد بين اساتذته وزملائه في المدرسة وجها الى وجه، ايمانا بأهمية التواصل المباشر معهم، ومحاربة الانعزال والانطوائية التي فرضها الحجر لمدة عام ونصف تقريبا بفعل جائحة كورونا.
أقلّ من شهر متبقّ لنهاية العام الدراسي، ولا آفاق واضحة حتى الساعة عن كيفية الخروج من هذه الأزمة. فالأهل خائفون على أولادهم، خصوصا مع التهديدات التي فرضتها السلالة الهندية لفيروس كورونا والتي لا يمكن للبنان الكشف عنها بسرعة الى حين ارسال عيّنات الى الخارج لفحصها. أضف الى ذلك، اعتراض الأستاذة والاداريين على العودة قبل تلقّي اللقاح، في حين ذهب بعضهم أبعد من ذلك، حيث سجّلوا رفضهم تلقي لقاح أسترازينيكا حصرا خوفا من الآثار الجانبية التي كَثر الحديث عنها في الفترة الاخيرة ولو انّ وزارة الصحة ومعها منظمة الصحة العالمية قد اكّدتا أهلية هذا اللقاح، ونتائجه الفعّالة.
وتشير هنا مصادر مواكبة لخطّة العودة التدريجية الى المدارس التي وضعها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب بالتشاور مع المعنيين لموقع LebanonOn الى انّ "عودة الطلاب في الشهر الأخير من العام الدراسي الحالي ستؤدّي حتما الى زيادة كبيرة في إصابات كورونا، لا سيّما وانّ عملية التلقيح عامّة لا تزال بطيئة"، متسائلة عن ايّة آليات ستتّبعها المدارس والمعاهد والجامعات الرسمية والخاصة لمراقبة ومحاسبة عمليات التعقيم بين الطلاب والأساتذة.
والى جانب المخاوف الصحّية، لا يمكن نسيان الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمرّ به لبنان، وانعكاسه على اهالي الطلاب، بما في ذلك الأقساط المدرسية. فمن يتعلّم اولاده في مدرسة خاصة أصبح العبء على كاهله ثقيلا جدا. امّا أسعار القرطاسية فـ"حدّث ولا حرج": (قلم بيك بـ2500 ليرة، علبة أقلام الرصاص عدد 12 يتراوح سعرها بين 8000 و15 ألف ليرة، مسطرة بـ5000، محاية بـ2000، مبراية بـ4000، علبة هندسة 10 آلاف ليرة، علبة تلوين صغيرة 10 آلاف ليرة، علبة تلوين Feutre بـ20 ألف ليرة. امّا الدفاتر فالصغير منها بـ5000 آلاف، والكبير بين 20 و40 ألف ليرة). إنّ مجموع هذه اللائحة التي تخلو من "الكماليات" يصل الى 150 ألف ليرة ناهيك عن سعر الكتب المدرسية التي ستسعّر بحسب مصادر LebanonOn وفق سعر دولار يتراوح بين 3 آلاف و5 آلاف ليرة، بمجموع يتراوح بين 500 ألف ومليونين ليرة بحسب كلّ مدرسة ووفق كلّ منهج.
وتشير المعلومات الى انّ موزّعي القرطاسية على المكتبات اللبنانية يسعّرونها بالدولار ليتم بيعها للمواطنين بالليرة اللبنانية، لذلك لا يمكن حسم التسعيرة التي سلّطنا الضوء عليها اعلاه، فهي مرشّحة بالإرتفاع مع كل زيادة في سعر صرف الدولار.
والأزمة لم تقف عند هذا الحدّ. اذ انّ المواصلات أصبحت "مصيبة" على أهل الطلاب خصوصا مع ارتفاع تنكة البنزين، او اقفال المحطات بسبب شحّ المحروقات. وفي رصد خاص لموقع LebanonOn تبيّن انّ كلفة نقل الطلاب من والى المدارس أصبحت تتراوح بين 600 ألف ومليون و200 ألف ليرة شهريا بعدما كانت بين 50 و100 ألف.
وكان لافتا أمس، انّ محطّة الصبوري في النبطية قد أصدرت تقريرا بمثابة "تبرير غياب" لولي احد طلاب المدرسة الانجيلية الوطنية في النبطية، وجاء فيه:
"لمن يهّمه الأمر، حضرة مدير المدرسة الانجيلية الوطنية في النبطية الاستاذ شادي الحجار، نظرا لإنقطاع مادة البنزين في محطات المحروقات اعتذر عن توصيل اولادي الى المدرسة بسبب نفاذ مادة البنزين من سيارتي وهذا Rapport من المحطّة، وشكرا".
وبعد انتشار هذا التقرير على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدّث والد الطلاب لموقع LebanonOn وأكّد انّه اراد ايصال رسالة من خلال نشر هذا التقرير، لتبيان مدى الازمة التي نعاني منها بمختلف جوانبها ولو عن طريق السخرية و"المزاح". وعن ردّة فعل المدرسة ومديرها الاستاذ شادي الحجار، قال انّهم تلقفوا الرسالة بتفهّم ورحابة صدر.
اذا، كثيرة هي العوائق التي تواجه العودة الحضورية الى التعليم، فيما لم يأخذ وزير التربية طارق المجذوب بها بشكل جدّي، يبدو أنّها ستتظهّر أكثر فأكثر في الايام القليلة المقبلة.