مارون يمّين
الانقسام السياسي الحاد الذي يعيشه لبنان ليس وليدة اليوم. لطالما لعبت الأديان والطوائف والمذاهب والإنتماءات السياسية دورا أساسيا في هذا الانقسام حتى وصلت بنا الحال الى هنا. الى الطريق المسدود والى المجهول. من مسلم ومسيحي، الى معارضة وموالاة، الى 8 و14 آذار، حتى التوجّه شرقا او غربا.
لم يعرف لبنان حتى الآن مصلحته من كلّ ما يحيط به. دائما ما يغرق المسؤولون من فشل الى آخر، ولا يستفيدون من أيّ فرص تقدّم لهم من اجل انهاض لبنان من القعر الذي أسقطوه فيه. ودائما ما يثار عبر الاعلام، من أحاديث وخطابات تدعو لبنان الى التوجّه شرقا وتحديدا نحو الاستثمارات الصينية والروسية وحتى الايرانية.
عروض وصلت فعلا الى طاولة بعض المسؤولين، بالرغم من انّ البعض الآخر اعتقد بأنّنا بالتوجه شرقا نكون قد أغلقنا الباب عن دول الغرب لا سيّما الولايات المتحدة الاميركية، العدو الاقتصادي اللدود لجمهورية الصين، التي لم تستلم بعد من محاولاتها للإستثمار في لبنان بالرغم من كل العراقيل التي تواجهها لدينا.
وانطلاقا من إشكالية التوجه شرقا او غربا، يلفت رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية قاسم طفيلي انّ "المبادرات الأجنبية والغربية تحديدا التي وصلت الى لبنان يبدو انّها غير رسمية، حيث اكتفت شركات المانية خاصة، بطرح مشاريع فيما يتعلّق بموضوع مرفأ بيروت ومشاريع اعمارية اخرى"، ولا يرى طفيلي في خلال حديثه لموقع LebanonOn انّ "الظروف الراهنة تحمل عروضا جدّية في هذا الإطار".
ويتابع: "ليس لدينا رؤية اقتصادية واضحة، ولا حكومة او حتى تصوّر حكومي، وهذه العوامل تشكّل شرطا أساسيا للإستثمار في لبنان سواء من الصين او حتى اوروبا، فأيّ مشاريع استثمارية بحاجة الى ظروف سياسية واجتماعية وامنية مناسبة"، لكن لا يخفي طفيلي ان يكون سبب التهافت الاوروبي لإعادة اعمار ما تهدّم بسبب انفجار مرفأ بيروت مرتبط بأطماع جيو-سياسية.
أين الصين اليوم من هذا التهافت الدولي؟
يؤكّد طفيلي بحسب المعطيات التي يمتلكها، انّه اذا "لا يوجد رؤية تنموية واضحة لدى الجانب اللبناني سيكون من الصعب على الصينيين ان يقدّموا عروضا رسمية وجدّية، لكن هذا لا يلغي ان الصينيين لا يزالون مهتمون بالاستثمار في لبنان، في البنى التحتية تحديدا، خصوصا في مجال الطاقة والمرفأ وسكك الحديد".
وفي السياق عينه، يكشف طفيلي انّ "لا تطوّرات على صعيد ايّة عروض استثمارية صينية في لبنان، خصوصا انّ هناك تجاذبا بين الصين والغرب تتجلى اليوم في اكثر من مجال لا سيّما في موضوع كورونا، وما اثير مؤخرا عن الصاروخ الصيني". هذا ولا يستبعد طفيلي ان يكون هناك توجها ضاغطا "لمنع او عدم تشجيع الاستثمار الصيني في لبنان خصوصا وفي المنطقة المحيطة به عموما".
تهويل على الجانب اللبناني
ويرى طفيلي انّ "هناك توجّسا غير مبرّر لدى بعض السياسيين اللبنانيين للإستفادة من الفرص الصينية التي يمكن ان تؤمنها في اطار مبادرة حزام وطريق". ويقول: "من الواضح ان المنطقة المحيطة بنا تتعامل مع الصين، وهناك استقبال واضح للمبادرات الصينية في البلاد العربية تحديدا، ومنها السعودية والامارات ومصر والعراق والمغرب؛ واذا كان لبنان يخشى من التعامل مع الصين كون العلاقة مع اميركا تشكّل عائقا امام ذلك ولبنان لا يريد ان يثير ايّة مشاكل مع الاميركيين، فهل هذا يعني ان الدول التي ذكرناها لديها مشاكل مع اميركا؟ لا اعتقد ذلك". ويضيف: "على سبيل المثال العلاقة العميقة بين الامارات والولايات المتحدة لم تتأثر بالخطط الاقتصادية الاستراتيجية بين الصين والامارات".
ويشدّد طفيلي على انّ "هناك تهويلا على الجانب اللبناني، ولا يجب على المسؤولين ان يخضعوا الى هذا التهويل، خصوصا انّ هناك عدم وضوح لدى ما تبقى من الدولة اللبنانية فيما يخصّ ايّ توجّه تريد ان تسلكه".
مبادرة الحزام والطريق... لبنان مهدّد بأن يفقد الفرصة
ويشير طفيلي الى انّ "العروض الصينية ليست بجديدة، وانا شخصيا مطّلع على بعضها، لا سيّما تلك المتعلقة بموضوع الكهرباء. ومن المفترض ان يلعب لبنان دورا بارزا في مبادرة الحزام والطريق وعبّرنا مرارا وتكرارا انّ لبنان معرّض لأن يفقد هذه الفرصة"، كاشفا انّ "قبل جائحة كورونا، وفود صينية كثيرة زارت لبنان لجسّ نبض المسؤولين اللبنانيين، حتى انّ وفودا زارت لبنان خلال جائحة كورونا خصوصا بعد انفجار مرفأ بيروت بهدف تبنّي خطة لإعادة اعماره".
وعن حجم الاستثمارات المطروحة من قبل الجانب الصيني، يعتبر طفيلي انّ "الارقام لا تعني اي شيء حاليا لأنّ ما كان مطروحا، مرتبط بدراسات الجدوى الموجودة لبعض المشاريع المطروحة في لبنان، فيما تغيب دراسات اخرى لمشاريع اضافية، يمكن ان يؤثر عدم وجودها على سرعة سير ايّة مفاوضات مستقبلية بين الجانبين".
ماذا عن الفيتو الاميركي الذي وضعته السفيرة دوروثي شيا لعرقلة التعاون بين لبنان والصين في المشاريع الاستثمارية؟ وما حقيقة عدم استقبال لبنان لوفد شركات صينية كانت تنوي الاستثمار فيه بمليارات الدولارات؟ وهل يكون لبنان مركزا لصناعات لقاحات كورونا الصينية على غرار العديد من الدول الاخرى؟
يمكنكم الحصول على اجابات الأسئلة المطروحة أعلاه من خلال فقرة ZOOM ON عبر قناتنا على موقع يوتيوب عبر الضغط على رابط الفيديو ادناه: