كتب جورج شاهين في "الجمهورية":
ليس صعباً نسج كثير من السيناريوهات المتوقعة، عند مقاربة مسلسل الأزمات المتناسلة على الساحة اللبنانية، ولا سيما منها تلك المتصلة بولادة الحكومة العتيدة. فمعظم القوى السياسية لا يسعها توقّع ما هو آتٍ. وإن وجد من يملك السيناريو الأكثر ترجيحاً، فهو ينتظر عوامل عدة لإرشاده الى المخرج المفقود، وما اذا كان سيقود الى الإنفراج او الانفجار. وعليه، ما الذي يعزّز هذا الاعتقاد؟
من أسخف التوقعات، أن توقف صاحب واحد منها، عند مواقف المسؤولين اللبنانيين لقراءة ما هو محتمل حدوثه في الآتي من الايام، وعلى اكثر من مستوى. فليس هناك اي سيناريو واضح يمكن ان يقود البلاد الى مواجهة اي من الأزمات المستفحلة، وخصوصاً ما يتصل بالتشكيلة الحكومية العتيدة التي طال انتظارها، او بالنسبة الى آلية معالجة الأزمات المتناسلة التي توزعت بين ما هو نقدي ومالي، صحي او اجتماعي او تربوي، وصولاً الى ما هو أمني بامتياز.
ليس في هذه المعادلة مجرد دعوة او محاولة الى تعميم المزيد من التشاؤم حيال ما هو مُنتظر وما هو مُحتمل من تطورات. فهي ومن دون اي شك، تنحو بمعظمها الى مزيد من السلبيات. فالعجز المتمادي في مواجهة اي من الملفات الخلافية العالقة ينبئ بكثير مما لا يتوقعه احد. فسياسة التبروء من المسؤوليات والقاء تبعات النكبات والكوارث على الغير، والامعان في الحملات الاعلامية المتبادلة انهى الامل بوجود جهة قادرة على ترميم العلاقات بين اللبنانيين، وخصوصا في ما بين من يمسكون بالمفاتيح التي تقود الى احياء المؤسسات وانتظام العلاقات السياسية والدستورية وترميم العلاقات في ما بينها لتقوم بالمهمات المتكاملة المناطة بها.
فقد بات واضحا لعدد من المراقبين غير المتورطين في هذه الحملة او تلك، ان احدا ليس في قدرته الغاء الآخر ولا اقتياده الى حيث لا يريد. فهناك الكثير من الخطوط الحمر التي تحول دون انتصار اي فريق على آخر، وان الفشل يكمن في عدم قدرة الرأس المدبر على القيام بمهماته كاملة او فقدانه حتى اللحظة. ومرد ذلك الى عدم الاحتكام الى الدستور واللجوء الى اعتماد موازين القوى وحشد التدخلات الخارجية التي يمكن ان تتبدل بين فترة واخرى فتختلط الاوراق الداخلية مجددا وتضيع المسؤوليات ويرتفع منسوب القلق على المستقبل القريب ويعطي صورة قاتمة عن المستقبل البعيد.
وعلى هذه الخلفيات، تحفل الصالونات السياسية والديبلوماسية بكثير من السيناريوهات المتناقضة التي لا تنتج حلا او مخرجا لأي من «العقد البحرية» المتحكمة باكثر من ملف حيويا كان ام هامشيا. وهو ما التقت عليه مراجع مراقبة توجست شرا من مسلسل الاتهامات المتبادلة حول قضايا مصيرية والتي استنفدت قدرات القوى السياسية وحال دون التزام خريطة الطريق الطبيعية التي تبدأ من اعادة تكوين السلطة، وخصوصا ما هو مطلوب بالدرجة الاولى لإنهاء ولاية «حكومة تصريف الاعمال» بعدما قرر رئيسها التزام أدنى ما تقول به عملية التصريف. وربما الى درجة، فاقت ما قال به الدستور فغاب بعض الوزراء عن تحمل مسؤولياتهم، وشلت إدارات عامة ولم يكن البعض منهم في حاجة سوى للاقفال العام في البلاد بسبب ترددات جائحة الكورونا ليبرر الفشل في مواجهة سيل الازمات والتوقف عن ممارسة مهماته متخليا عن الحد الادنى مما علقت عليه من آمال وتركت بعض القطاعات عرضة لمستغلي الازمات والباحثين عن الفرص التي قد لا تأتي مرة اخرى.
وبناء على ما تقدم، ذهب بعض المراقبين الى الترويج لسلسلة من السيناريوهات الهمايونية التي تنبىء بأن البلاد مقبلة على مرحلة من الفلتان تتجاوز الفوضى السياسية لتمتد الى القطاعات الاقتصادية والتجارية والمالية والنقدية كما الاستشفائية لاستنزاف ما تبقى لدى اللبنانيين من قدرات تجعل منهم شعبا معرضا لكل اشكال الاذلال على ابواب المؤسسات الصحية والإجتماعية والتربوية والجامعية في لبنان والخارج".
لقراءة المقال كاملا إضغط هنا.