تعاني الأسواق اللبنانية حاليا نقصا حادا في الدجاج ومشتقاته، حيث يتهافت المواطنون بالعشرات الى مراكز البيع ويقفون في طوابير من اجل الحصول على "فروج" او كيلو "فخاذ". لم يَعرف المواطن اللبناني السبب الحقيقي وراء هذه الأزمة، وعند السؤال يكتفي التجار بكلمة "مقطوع".
فلماذا هذه الأزمة الآن؟ وما مسبّباتها؟ هل فعلا سينضب "الفروج" من الأسواق؟ وماذا عن رفع الدعم؟
أسئلة توجّه بها موقع LebanonOn الى رئيس نقابة منتجي الدواجن في لبنان موسى فريجي، الذي ارجع اسباب الأزمة بداية الى انّ "كميات الأعلاف التي تدعمها الدولة لا تكفي حاجة اصحاب مزارع الدجاج، وبالتالي انّ اعدادا كبيرة من مربّي الدواجن لا تحصل على نصف او ربع كمية الاعلاف المدعومة التي هي بحاجة اليها، فيلجأ المربون الى شراء الاعلاف غير المدعومة وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ما يرفع التكلفة عليهم"، مشيرا الى انّ "الدولة غير قادرة على تأمين كل الكميات التي تتطلّبها تربية الدواجن في لبنان، خصوصا في هذا الوقت الذي يشهد ضغطا من اجل رفع الانتاج بعد زيادة الطلب على الدجاج ومشتقاته في السوق اللبنانية".
اكثر من 300 مزرعة أقفلت...
واكّد فريجي انّ "الفترة الاولى من الاغلاق بسبب جائحة كورونا تسبّبت بخسارة كبيرة لمزارع الدواجن، ما اضطرّ بعضها الى الاقفال نهائيا"، لافتا الى إنّ "اقفال المطاعم وخوف الناس من التحرّك في ظلّ كورونا خفّضا من نسبة الطلب حيث تضخّم العرض في السوق وتسبّب بخسائر كبيرة، حيث بلغ عدد المزارع التي اقفلت أكثر من 300 مزرعة في عكار والجنوب والبقاع فقط".
وتابع: "اليوم ومع عودة الحركة الى الجهات المستهلكة من مطاعم وغيرها، قرّر عدد من هذه المزارع اعادة الانتاج من جديد، لذلك ارتفع الطلب على العلف المدعوم واصبح العرض قليلا امام حاجة مربّي الدواجن الكبيرة. لذلك، نحن اليوم مجبرون على ترشيد الانتاج بسبب انخفاض العرض، ونعوّل على اهمية زيادة الانتاج عن طريق المزارع التي كانت مقفلة".
وشدّد النقيب على انّ "عملية انتاج الدجاج تأخذ وقتا، و"بدنا نطول بالنا" على حلقة التربية وحلقة الإنتاج لكي يرتفع مجدّدا العرض في السوق".
السوق السوداء ستكون المتحكّمة الأبرز بسعر الدجاج
وفي يوم امس، صدر عن وزيرا الاقتصاد والتجارة راوول نعمه والزراعة عباس مرتضى في حكومة تصريف الأعمال قرارا مشتركا يحدّد اسعار الدجاج ومشتقاته والبيض واللحوم ومشتقاتها، وذلك بناء على المفاوضات مع النقابات المختصة وتعهدهم على الالتزام بالاسعار وتوفير كافة السلع بالكميات اللازمة وعلى وجوب تحديد كافة الأسعار لكل عدد او نوع من السلع لتفادي اي تلاعب بالأسعار، وبالإضافة الى ضرورات المصلحة العامة وتأمين الاستقرار في أسعار المرتبطة بالدعم الممنوح من مصرف لبنان بشكل مباشر او غير مباشر، وبناء على ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي.
وعن هذه اللائحة رأى فريجي انّه "لن يلتزم بها الّا اصحاب الماركات المعروفة حرصا على "صيتها"، وهؤلاء لا يشكّلون سوى 35% من السوق اللبناني كحدّ اقصى، امّا الـ65% الآخرين فيمكنهم ان يبيعوا الدجاج ومشتقاته بالأسعار التي يريدونها كونهم لا يتّبعون شركات معروفة او ماركات معيّنة، وهنا تكمن اهمية الرقابة من قبل الوزارات المعنية لملاحقة المخالفين".
وقال: "انّ هذه اللائحة لا يمكن ان تكون مطبّقة تطبيقا كاملا وشاملا على جميع بائعي الدجاج او منتجيه، خصوصا انّ الطلب اليوم اكبر بكثير من العرض، وفي هذه الحال فإنّ السوق السوداء ستكون المتحكمة الأبرز بسعر الدجاج ولا اعتقد انّ الأسعار في السوق السوداء قدّ تتغيّر كثيرا عن الاسعار الموجودة اليوم في الاسواق".
نقص الدجاج في الاسواق مستمرّ لشهرين اضافيين
واكّد النقيب فريجي انّ "هناك البعض يشتري كميات كبيرة من الدجاج، بأسعار منخفضة ولا يقوم ببيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة خشية من الملاحقة القانونية او ان تطاله محاضر الضبط، فيقوم بتخزين هذه الكميات او تفريزها الى حين ارتفاع الاسعار على اللائحة التي تصدر عن وزارتي الاقتصاد والزراعة ويقوم ببيعها على انّها طازجة ويحقق الأرباح"، معتبرا انّ "مهما قامت الدولة بخطوات وبيانات، فإنّ العرض والطلب في السوق هما المتحكمان بالأسعار".
واشار الى انّ "النقص في الاسواق على مستوى الدجاج ومشتقاته سيدوم لمدّة شهرين تقريبا الى حين تكون المزارع التي اعادت فتح ابوابها قادرة على الانتاج، وعندها يبدأ العرض ليتساوى مع الطلب والأمور ستأخذ مجراها الطبيعي".
الفروج الى 40 الف ليرة
واكّد فريجي في ختام حديثه لموقع LebanonOn انّ "التسعيرة ستُحلّ تلقائيا عندما يَرفع المصرف المركزي الدعم نهائيا عن المواد الأساسية، وبالرغم من ذلك فإنّ العرض والطلب سيبقيان متحكمان بالأسعار، وسعر الفروج او "صدر الدجاج" سيصل الى 40 الف ليرة كحدّ اقصى في هذه الحال، اضافة الى المضاربة والمنافسة بين التجار التي بالتأكيد ستؤثّر بالتسعيرة".