العقوبات على حسن خليل رسالة إلى برّي في ملفّ ترسيم الحدود

خاص ON | مارون يمّين | Thursday, September 17, 2020 11:01:00 AM

أعطت الحكومة الإسرائيلية موافقتها مؤخرا على بناء خط أنابيب الغاز مع كل من قبرص واليونان ليصل الى ايطاليا من اجل تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي من منطقة شرق المتوسط، وسيحمل هذا الخطّ اسم "EastMed". ويشير أفينوعام عيدان وهو خبير في مركز شايكين للدراسات الاستراتيجية ومركز السياسة والاستراتيجية البحرية الى انّ "إسرائيل يمكنها التعاون مع لبنان بهذا الملفّ"، معتبرا انّه "عندما تشتبك المصالح الأمر لا يعود يحتاج إلى علاقات دبلوماسية".

ومع وضع مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل على نار اميركية حامية، يعتبر البعض انّ هذا الملفّ يشكّل الضغط الآني الأكبر على لبنان، وذلك لجهة الادارة الاميركية في الوصول الى اتفاق خلال اقصر فترة ممكنة بما يخدم الحملة الاميركية للرئيس دونالد ترامب، وبما يخدم بعدها الاتفاق مع ايران.

فهل يمكن للبنان التعاون في مشروع "EastMed" لطالما لديه مصلحة كبيرة في ايصال الغاز من بحره الى اوروبا؟ كيف للعلاقات الدبلوماسية ان تلعب دورا في هذا الاطار؟ وهل للبنان القدرة على انشاء خطّ غاز مستقل؟ وما هي العوائق الجيوسياسية التي تحول دون تحقيق ذلك؟

لبنان ليس حيويا لمشروع خط الانابيب EastMed

وللإجابة على تلك الأسئلة، أجرى موقع LebanonOn حواراً مع الباحث في الاستراتيجية الأميركية، والعلاقات الدولية، وتحليل النزاعات في الشرق الأوسط في المركز العربي في واشنطن جو معكرون، الذي اكّد انّ "لبنان ليس حيويا بالنسبة لمشروع خط الانابيب EastMed الذي يبحث عن النفاذ الى الاسواق الاوروبية، والاهم من ذلك، ليس واضحا بعد اذا كان هناك ما يكفي من الغاز الطبيعي في لبنان للتصدير او حتى للاكتفاء الذاتي".

واضاف معكرون انّ "لبنان ليس مؤاتيا للاستثمار حاليا في ظل الانقسامات الداخلية والاوضاع الاقتصادية، وامامه تحديات كثيرة ليعلب اي دور رئيسي في دينامية الغاز الطبيعي في شرق المتوسط"، مشيرا الى انّه "اذا تم التوصل الى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، او اذا لم يمر خط EastMed عبر الحدود المتنازع عليها التي يطالب بها لبنان لن يكون هناك مشكلة كبيرة". واعتبر انّ "تعاون لبنان في المفهوم الاميركي هو طوي صفحة ترسيم الحدود، لتنطلق اسرائيل في مشاريع الغاز وليس بالضرورة الدخول في مشروع خط الانابيب الى اوروبا لأن هذا الامر مستبعد نظرا الى موازين القوى في لبنان".

لا رؤية لدور لبنان في الخريطة الاقليمية الجديدة

وفيما يتصارع على لبنان محورين اميركي وايراني، اكّد معكرون انّه "لا يوجد دبلوماسية لبنانية فعالة تبحث عن مصلحة اللبنانيين في لعبة الامم. فالضغوط الدولية على لبنان حاليا تسعى لجعله محايدا على الاقل، وبالتالي سيبقى لبنان اسير هذه الحسابات الدولية طالما لم تتحرر قياداته من الارتهان للخارج". وتابع: "منذ اكتشاف الغاز الطبيعي لم تضع الدولة اللبنانية رؤية لدور لبنان في هذه الخريطة الاقليمية الجديدة، بل تم استهلاك الوقت لتقاسم البلوكات حصصا طائفية، في وقت كانت فيه دول مثل اسرائيل وقبرص تسارع لايجاد موقعها ودورها اللوجستي وتحالفاتها في مجال الغاز وخط الانبابيب والتصدير".

وفيما أوضح الخبير الإسرائيلي عيدان في تصريحاته الاخيرة، انّ "لبنان واسرائيل توصلا الى اتفاق عام 2012 حول الغاز برعاية اميركية؛ هل يمكن ان تعود هذه المفاوضات من جديد؟ هل يمكن لغير الولايات المتحدة ان ترعى هذه المفاوضات؟ وهل حزب الله هو المشكلة الوحيدة وفق المنطق الاسرائيلي؟

الحدود البحرية: اقتراحات الترسيم تنطلق من خطة هوف

اجاب الباحث جو معكرون بأنّ "المفاوضات لم تنقطع منذ سنوات، فهي تمر في فترة هبوط وصعود حسب التحولات في السياسات الاميركية والاسرائيلية واللبنانية"، موضّحا انّ "عام 2012 قدّم المبعوث الاميركي فريديرك هوف اقتراحا يتخلى لبنان بموجبه لإسرائيل عن حوالي 360 من اصل 860 كلم مربع من المنطقة الاقتصادية في البلوكات جنوب لبنان لكن حزب الله رفض الامر".

وتابع: "الاقتراحات الحالية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل تنطلق الى حد ما من خطة هوف، وهناك تقدم في هذه المفاوضات بحيث تضغط واشنطن للتوصل الى اتفاق في غضون اسابيع، حيث اصبحت هذه المسألة ورقة ضغط اميركية على مسار تشكيل الحكومة في لبنان الذي ترعاه المبادرة الفرنسية حاليا".

العقوبات على حسن خليل رسالة إلى برّي في ملفّ ترسيم الحدود

وعمّا اذا كانت اسرائيل تعوّل على ضغط اوروبا على لبنان من اجل الوصول الى تفاهم حول انشاء هذا الخطّ او ترسيم الحدود، رأى معكرون انّ "اسرائيل تراهن اكثر على ضغوط واشنطن لحسم هذه المسألة خلال الاسابيع المقبلة"، مشيرا الى انّ "العقوبات الاميركية على الوزير السابق علي حسن خليل المقرب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فهمت انها رسالة لكي يكون اكثر مرنا في هذا الملف لأنّه المحاور الرئيسي عن الجانب اللبناني".

واعتبر انّ "النظام الايراني من خلال حزب الله، قد يوافق على ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل في حال كان هناك ضمانات اميركية ضمن المبادرة الفرنسية، لكن الامور قد تأخذ بعض الوقت لان الطرفين الاميركي والايراني يحاولان تحسين شروط التفاوض حاليا، بحيث ترفع ادارة ترامب من تحذيراتها فيما يتمسك حزب الله بورقة ترسيم الحدود ليحصل على مكاسب وضمانات في المقابل".

المفاوضات بين لبنان واسرائيل اصبحت متقدّمة

كشف معكرون انّ "المفاوضات أصبحت متقدمة بين الطرفين اللبناني والاسرائيلي عبر الوساطة الاميركية، وقد تكون ابرز النقاط العالقة اذا ما يجب تلازم ترسيم الحدود البرية والبحرية كما يطالب لبنان، أو اولوية ترسيم الحدود البحرية كما تطالب اسرائيل بعدما تم الاتفاق مسبقا على اجراء المفاوضات في مقر اليونيفيل في جنوب لبنان باشراف اميركي"، لافتا الى انّ "لدى الطرفين اللبناني والاسرائيلي رغبة ببدء اعمال التنقيب، واذا توفرت النوايا الاقليمية ولم يكن هناك عراقيل، فإنّ الاتفاق لا يزال ممكنا لكن يبقى الامر مرهونا بالعلاقات الاميركية-الايرانية المعقّدة".

لبنان غارق في الديون... ولا يملك البنى التحتية لإنشاء خطّ انابيب غاز مستقلّ

وعن وجهة نظر الخبراء اليونانيين بأنّ مشروع EastMed لا يؤمّن سوى 2.5 بالمئة من حاجة اوروبا الى الغاز، وعن ايّة فرصة ممكنة امام لبنان لكي يبني خطّ غاز مستقلّ به، شدّد معكرون على انّ "لبنان اذا تمكّن من الاكتفاء الذاتي في الغاز الطبيعي يكون هذا انجاز كبير له"، معتبرا انّ "لا الدولة ولا الاقتصاد في لبنان جاهزان حاليا لإستيعاب تبعات تدفق كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في حال وجدت".

وقال: "مجمل الغاز في الشرق المتوسط لا يتجاوز 2 بالمئة من الانتاج العالمي، وبالتالي تأثيره محدود في المنطقة بحد ذاتها، والغاية من تصديره هو تقليص جزء صغير من الاعتماد الاوروبي على الغاز الروسي".

واضاف: "لبنان لا يملك البنى التحتية في هذا المجال، لكن يمكن حصول تعاون مع سوريا والعراق ومصر انّما بحجم محدود، لا سيما ان القاهرة مهتمة اكثر بالتعاون مع مشروع EastMed".

ما هي العوائق الجيوسياسية التي تشكل عائقا امام لبنان من انجاز خط مستقل به؟

ولفت الباحث جو معكرون في ختام حديثه الى انّ "العوائق الرئيسية بالنسبة الى لبنان هي الضغوط الاميركية لعدم التعاون التجاري مع النظام السوري والضغوط الايرانية لعدم الانضمام الى تحالف EastMed، واضافة الى عدم قدرة لبنان على صياغة سياسة خارجية مستقلة في ظل القيود الداخلية والخارجية، وفي ظل منطقة غير مستقرة تتصارع عليها الدول الاقليمية والدولية"، مشيرا الى انّ "لبنان لا يملك ميزة نسبية او كميات كبيرة من الغاز للمنافسة والتصدير، لبنان غارق في الديون، لا سيما نتيجة قطاع الكهرباء، ويبحث عن الحد الادنى من الاكتفاء الذاتي في الطاقة".

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا