دخلت ايطاليا مرحلة التعايش مع كورونا، مع عودة الحياة اليها بشكل شبه طبيعي في ظلّ اجراءات وقائية مشدّدة يلتزم فيها معظم السكان، وهي أشبه بنوع من الثقافة لتجنّب الاصابة بالفيروس والحدّ من انتشاره. كما عاد عدد كبير من الطلاب اللبنانيين في ايطاليا الى اعمالهم وهي بمعظمها "part-time"، متّبعا الاجراءات التي وضعتها السلطات الايطالية لتنظيم العمل في ظلّ الوضع الوبائي، في حين يقبع عدد آخر في منازله بسبب استمرار بعض اصحاب المشاغل بالإقفال.
وبعد مرور اكثر من 9 اشهر على تفشّي هذا الفيروس، تواصل موقع LebanonOn مع المُحاضر اللبناني الجامعي في احدى الجامعات الايطالية محمد كمال، الذي تحدّث عن عدّة مشاكل يواجهها عدد من الطلاب اللبنانيين في ايطاليا.
ويشير كمال الى انّ "غالبية الطلاب اللبنانيين خصوصا من هم مسجلون في السنتين الجامعيتين الاولى والثانية يعانون من صعوبة كبيرة في التحويلات المالية من لبنان، والأمر أصبح متأزّما حيث انّ العديد من الطلاب لم يتمكّنوا من سحب اموالهم، وبعضهم بدأ باللجوء الى رفع الدعاوى القضائية للإستحصال على حقوقه ما يسبب مشاكل كثيرة على هذا الصعيد"، لافتا الى انّ "العائلات اللبنانية بفعل الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان، لم يعد بمقدور معظمها تحويل المال الى ذويهم في ايطاليا، ما أجبر العديد من الطلاب على البحث عن اشغال لهم والعمل "بشو ما كان" لكي يتمكّنوا من الاستمرار بتخصّصهم وسنواتهم الجماعية".
ايجارات المنازل اكبر المشاكل
ويتابع كمال سرده لواقع الطلاب اللبنانيين في ايطاليا، بتأكيده انّ "هناك مشاكل كثيرة بين الطلاب واصحاب البيوت التي استأجروها، خصوصا في ظلّ تراكم الايجارات في خلال المدة التي اضطروا فيها بالبقاء في منازلهم من دون عمل بسبب كورونا، ما أدّى الى ضغوط اضافية على الطلاب مع انّ المعنيين في ايطاليا يقفون دائما الى جانب المستأجر كونهم ذو دخل محود"، مشيرا الى انّ "السلطلت الايطالية سبق انّ انذرت اصحاب المنازل من تهديد المتسأجرين بطردهم من المنازل".
ويضيف: "ادّت الخلافات بين الطرفين الى ترك عدد من اللبنانيين منازلهم القديمة واللجوء الى استئجار منازل جديدة، بالرغم من محاولات البعض التفاوض مع اصحاب البيوت من اجل دفع نصف المبالغ المتراكمة او جزء كبير منها".
الحجر في سكن الجامعات اشبه بالسجن... ولكن!
ويؤكّد كمال انّ "هناك مشاكل كثيرة على صعيد دخول الاراضي الايطالية، بسبب قساوة الاجراءات الالزامية المتبعة للوقاية من فيروس كورونا؛ فأيّ لبناني يريد دخول الاراضي الايطالية يجب ان يحجر نفسه في منزله لفترة زمنية محدّدة، وفي حال عدم التزامه بالحجر وتسبّب بنقل العدوى الى شخص آخر فتُفرض عليه غرامة مالية"، مشيرا الى انّ هذه الاجراءات متّبعة على الجميع من دون استثناء.
ويُردف قائلا: "طلاب الجامعات يتم حجرهم في سكن الجامعات لمدّة 15 يوما"، واصفا الوضع بالسجن كون لا يمكن للطالب ان يخرج من غرفته ابدا ذي الـ4 امتار، بالاضافة الى انّ الطعام المقدّم ليس بالجودة المطلوبة، لا بلّ اقل من المتوسّط على حدّ قوله.
ويعاني ايضا اللبنانيون في ايطاليا بحسب المُحاضر الجامعي محمد كمال من مشاكل تجديد الاقامة، حيث تنتشر البيروقراطية في الادارات الرسمية بسبب كورونا بالاضافة الى تأخير اجراء المعاملات ما ادّى الى خسارة المنح الدراسية لدى العديد من الطلاب.
التعميم ممنوع... ولا يمكن فتح قضية مع ايطاليا
بدورها اشارت السفيرة اللبنانية في ايطاليا ميرا ضاهر في حديث خاص لموقع LebanonOn الى انّه "لا يمكن القول انّ مشكلة التحويلات والمصارف المزمنة هي مشكلة الطلاب اللبنانيين في ايطاليا حصرا، بل هي مشكلة كل المواطنين في لبنان وسائر الطلاب في الدول الاغترابية الاخرى"، لافتة الى انّ "الدولة برمّتها غير قادرة على ضبط هذا الوضع واتمامه على السكّة الصحيحة فهل تملك السفارة هنا الحلّ والقدرة؟ طبعا لا".
ودعت ضاهر الى ان نكون منطقيين ومتجانسين مع الواقع، معتبرة انّ "وضع الطالب في لبنان أصعب من وضع الطالب اللبناني في ايطاليا، ولا يمكن تعميم مشكلة تحصل مع عدد قليل من الطلاب هنا على الجميع"، مشدّدة في الوقت نفسه على تفهّمها لكلّ المعوقات التي يواجهها الطلاب في ايطاليا.
وتابعت: "الظرف الاقتصادي الصعب في لبنان لا يسمح بالإتّكال على تحويلات الأهالي، لذلك طالبت السفارة من الطلاب التعاون من اجل اجتياز هذه المرحلة بأكبر قدر من التفهم"، مشيرة الى انّ "الطالب اللبناني في ايطاليا اليوم يمكنه محاولة ايجاد عمل "Part-Time" يسنده في إتمام معيشته ودراسته على عكس الوضع المتأزّم اليوم في لبنان".
ما هي المشكلة الأكثر خطورة؟
وعن حديث بعض الطلاب عن صعوبات وسوء معاملة في "سكن الجامعات" والحجر فيها، تشدّد السفيرة على انّ "من يأتي الى ايطاليا يعلم بصعوبة الوضع وتفاصيله، وبالتالي على كل طالب ان يكون منطقي تجاه الامور التي يتعرّض لها، وبالإضافة الى ذلك لا يمكن للسفارة ان تفتح قضية مع ايطاليا كون الأعداد قليلة والاجراءات المتّبعة مفروضة على كل من يأتي الى ايطاليا بما فيهم الايطاليين أنفسهم".
واضافت: "بالنظر الى الوضع الحسّاس في لبنان وحاجته الملحّة الى مساعدات من الدول الخارجية، يجب ان نشكر ايطاليا على احتضانها عددا من الطلاب اللبنانيين، فلا يمكن اعتبار اي مشكلة لدى بضعة طلاب هي مشكلة عامة لدى كل الطلاب الموجودين هنا".
واكّدت ضاهر في ختام حديثها، انّ "المشكلة الاساسية اليوم تكمن في انّ الشرط الأساسي لأن يدخل الطالب الى الجامعات الايطالية ان يدفع مبلغ 6 آلاف يورو نقديا، خصوصا طلاب السنة الجامعية الثانية والثالثة، لكنّ المصارف فقدت قدرتها على تأمين هذه المبالغ بالعملة المطلوبة ما شكّل ضغطا كبيرا هذا العام على الكثير من الطلاب، والسفارة حاولت قدر استطاعتها ان تسهّل هذه المعاملات".
وسألت السفيرة ضاهر: "اين صار تنفيذ تعميم مصرف لبنان بخصوص الدولار الطالبي الذي يخوّل المصارف تحويل أموال إلى الخارج من حسابات عملائها الجارية بالعملة الأجنبية فقط لتأمين تسديد أقساط التعليم وبدلات الإيجار وكلفة المعيشة للطلاب"؟، مؤكدة على ضرورة تأمين الحد الأدنى من هذه التحويلات بالنسبة للطلاب في ظلّ الظروف الصعبة التي نعيشها.
قرض بقيمة مليون دولار عالق في ادراج مجلس الوزراء
وفي معلومات خاصة لموقع LebanonOn فإنّ الريجي في خلال ذروة أزمة كورونا منح قرضا بقيمة مليون دولار لدعم الطلاب اللبنانيين الموجودين في الخارج، خصوصا لمساندتهم في دفع ايجارات المنازل، مؤكّدة في الوقت عينه انّ "هذا القرار لا يزال عالقا في أدراج مجلس الوزراء بالرغم من انّ هذه الأموال المرصدوة موجودة، ما يعكس عدم اهلية الدولة اللبنانية في ادارة الملفات والازمات".
وحذّرت المصادر، من ان تتسبّب خسارة الطلاب اللبنانيين سنتهم الدراسية الاخيرة في زيادة نسبة البطالة في لبنان، وزيادة نسبة الفئة غير المتخصصة والتي لا تحمل الشهادات.