حذّرت الأمينة العامة السابقة لحزب القوات اللبنانية، الدكتورة شانتال سركيس منذ فترة المسؤولين واللبنانيين على حدّ سواء من وجود مادّة الـ"Asbestos" ضمن المواد المستخدمة عند بناء إهراءات القمح في بيروت في الستينات من القرن الماضي، حيث اكّدت انّ هذه المادة أصبحت ممنوعة عالمياً لأنها مسببة لعدة أنواع من السرطان في حال انتشارها في الجو وتنشقها. واشارت سركيس في سلسلة تغريدات عبر حسابها على موقع "تويتر"، الى احتمال كبير بأن تكون هذه المادة انتشرت في أجواء المرفأ والمنطقة المحيطة به بعد وقوع الانفجار المهول في الرابع من آب المنصرم.
فهل فعلا يحتوي مبنى اهراءات القمح على هذه المادّة؟ وما هي الخطورة التي تسبّبها في حال انتشارها؟ وما هي انعكاساتها على صحّة الانسان؟ وماذا عن الحلول؟
كل أسقف العنابر المدمّرة في المرفأ تحتوي على الـ"Asbestos"
يؤكّد مدير اهراءات القمح في مرفأ بيروت أسعد حدّاد انّ مادة الـ"Asbestos" لا تدخل في مواد بناء مبنى الاهراءات، لكنه يشير في حديث لموقع lebanonOn الى انّه تمّ استخدام هذه المادة لحماية "كابلات" الكهرباء. وفي هذا الاطار، جزمت معلومات موقع LebanonOn بأنّ "جميع الألواح الأسمنتية التي تم إنتاجها قبل عام 1980 تحتوي على مادة الـ"Asbestos"، لافتة الى انّ "كل اسقف العنابر المدمرة في المرفأ تحتوي على هذه المادة السامة بما فيها العنبر 12". وتؤكّد المعلومات انّ هذه المادة كانت تستعمل قديماً في أعمال الإنشاءات والعزل الكهربائي او ضد الحرائق لا سيّما في سبعينيات القرن المنصرم.
الـ"Asbestos" يسبّب سرطان غشاء الرئة!
وللإطّلاع على خطورة هذه المادة، وما تحمله من انعكاسات جسيمة على صحة الانسان في ظلّ الحديث عن امكانية تعرّض البضائع الموجودة في حاويات المرفأ للغبار الذي يحمل مادة الـ"Asbestos"، تواصل موقعنا مع الخبيرة في الشؤون البيئية الدكتورة فيفي كلّاب، التي اشارت الى انّ هذه المادة موجودة في ألواح (الاترنيت)، واحيانا تدخل في مواد صناعة البلاط وفي الخزانات، مشدّدة على انّ "الوضع يتحوّل الى خطرٍ عندما تنكسر هذه الأجسام وتتحوّل الى غبار على شكل شعيرات صغيرة".
وقالت: "إنّ خطورة الـAsbestos تكمن في دقة التعاطي مع الاجسام التي يدخل فيها كمادة لتصنيعها، فأي احتكاك عند تضررّ الجسم او تكسيره، ترتفع نسبة انتقال الشعيرات الى الانسان بشكل كبير جدا"، مؤكّدة انّ "هذه الشعيرات تستهدف غلاف الرئتين وتسبب سرطان غشاء الرئة، وهي المنبّه الوحيد لهذا النوع من السرطان".
وتابعت كلّاب: "إنّ نسبة الاصابة بسرطان غشاء الرئة مرتبطة بنسبة تنشق هذه المادة ودرجة الاحتكاك بها، وبالتالي ليس من الضرورة انّ يؤدّي اي احتكاك الى الاصابة بهذا النوع من السرطان"، مضيفة انّ "كل شخص احتك بالأجسام التي تحمل الـ"Asbestos" لا يمكنه فعل شيء الآن، لكن الأمر لا يستدعي التهويل والهلع في الوقت نفسه، فيكفي الابتعاد عن الاجسام التي قد تحمل هذه المادة مثل "الواح الاترنيت".
هل تفقد هذه المادة السامة تأثيرها مع الوقت؟ هل تعيش في المياه؟
واكّدت د.كلّاب انّ الـ"Asbestos" لا يبقى في الهواء بل يرقد على الاسطح، وهو لا يتحلّل بسهولة ولا يفقد تأثيره الخطير الاّ عند مسحه والتخلص منه". امّا عند سقوط الأمطار، فأشارت كلّاب الى انّ "هذه المادّة تنجرف الى باطن الارض ولا تعود تشكّل ضررا على الانسان، لكن وبالرغم من ذلك، يجب توضيب اي اجسام متضررة تحتوي على الـ"Asbestos" في أماكن آمنة وبطريقة سليمة، وطمرها وفق المعايير الصحيحة لكن نتجنّب انتقاله وذلك من قبل اشخاص متخصّصين".
وعن الامكانيات التي يمكلها لبنان لإجراء المسوحات اللازمة في المرفأ للكشف على كل الابنية والحاويات وسائر الاسطح المحيطة بمكان الانفجار للكشف عن وجود هذه المواد، اعتبرت كلّاب انّ "اي جمعية متخصصة يمكنها القيام بمسح الاسطح"، مشيرة الى انّ "عملية المسح ليست معقدة ولا تتطلّب استخدام آليات ضخمة".
ماذا في الحلول؟
وبالرغم من الدعوات للجامعات والجمعيات المختصة من اجل مراقبة كيفية تعامل الدولة والجهات المعنية مع هذه الكارثة الجديدة خصوصا في موضوع رفع الردم واعادة الترميم، تبقى "الاجراءات الوقائية بحسب كلّاب خير من العلاج"، داعية كل العاملين الى "ارتداء كمامات مخصصة لحماية الوجه والرأس بأكمله، بالإضافة الى ارتداء ملابس خصوصية والتخلص منها بعد استخدامها".
ومع اقتراب مرور 40 يوما على انفجار المرفأ، لم نسمع ايّ مسؤول يرفع الصوت عن خطورة مادة الـ"Asbestos" التي تشكّل تهديدا حقيقيا في حال الاستلشاء في التعاطي معها، خصوصا وانّ عددا كبيرا من الذين يقومون بعملية رفع الردم هم من الشبان والشابات المتوطوعون للمساعدة والذين قد لا يعرفون خطورة هذه المادة. فمن المسؤول اليوم عن تحويل تبعات الكارثة التي دمّرت بيروت ومرفئها، الى قنبلة اخرى لن تكون ارتداداتها اقلّ وطأة من الانفجار؟