تحوّل الساحل اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الى مَرتع للبوارج الحربية الأجنبية لا سيّما تلك الآتية من اوروبا. فمن حاملة الطائرات الفرنسية "Tonnerre"، الى البارجة الملكية البريطانية "HMS Enterprise"، والسفينتين العسكريتين الايطاليتين "San Guisto" و"ETNA"، تطرح الكثير من علامات الاستفهام، فيما سُجّل اول امتعاض دولي على لسان وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف في خلال زيارته الاخيرة الى بيروت حيث اعتبر انّ مرابطة البوارج الأجنبية قبالة السواحل اللبنانية ليس بالأمر الطبيعي، ويشكل تهديدا للشعب اللبناني ومقاومته.
فما هي دلالات وجود هذه البوارج؟ وهل يدخل هذا التواجد تحت غطاء المساعدات فقط؟ ولماذا يرى البعض فيها مصدر تهديد للبنان؟
منع تحويل لبنان الى بؤرة لتصدير الارهاب نحو اوروبا
يرى الخبير العسكري العميد المتقاعد خليل الحلو في حديث لموقع LebanonOn انّ "حجم الدمار الكبير والخسائر المادية والبشرية التي خلّفها انفجار بيروت، ادّى الى خلق حالة من عدم الاستقرار. واذا نظرنا الى هذا الواقع من خارج المنظار السياسي، والى جانب وجود اكثر من مليون نازح سوري والمخيمات الفلسطينية، فإن الوضع بحاجة لإهتمام اكبر لكي لا نصل الى مرحلة "الفلتان" الأمني الذي تستفيد منه خلايا التنظيمات الارهابية في لبنان، وفي الشرق المتوسط بشكل عام، ولمنعها من تحويل لبنان الى بؤرة لتصدير الارهاب الى اوروبا وشنّ عمليات ضد المصالح الغربية والعربية".
لذلك، يعتبر الحلو انّ "اهم عوامل الاستقرار في لبنان في هذه المرحلة هو المساعدات التي توفّرها هذه الدول، من خلال اساطيلها البحرية كونها الوسيلة الأسهل بالنسبة لها، نتيجة وجود قواعد عسكرية تابعة لها في الكثير من مناطق الشرق الاوسط القريبة من لبنان"، واصفا هذه المساعدات بـ"عناصر التدخل الناعم للحفاظ على الاستقرار في لبنان".
ويؤكّد انّ "فرنسا تعتبر لبنان جزيرة فرنكوفونية في شرق اوسط عربي انجلوفوني"، مشيرا الى انّ "وجود فرنسا ليس بجديد في المتوسط، فقد ابرمت معاهدة عسكرية حديثة مع قبرص، واخرى مع مصر اضافة الى دعم الاخيرة في ليبيا ودعم اليونان في مواجهة تركيا، لذلك فإن الاسطول الفرنسي موجود اليوم لكل هذه الأسباب".
اما بالنسبة لبريطانيا، فيعتبر العميد الحلو انّ "الاخيرة لديها علاقاتها وصداقاتها في المنطقة، ولديها حضور ديبلوماسي فاعل في لبنان، وتواجدها من خلال السفينة الملكية امر بديهي كون انفجار المرفأ حدث عالمي وكون بريطانيا عضو دائم في مجلس الأمن".
فرصة لإعادة التوازن في لبنان
ويشرح الحلو "اهمية تواجد هذه البوارج في الوقت الذي اصبح فيه لبنان محسوبا على المحور الايراني"، ويرى "من خلال هذا التواجد فرصة لإعادة التوازن في لبنان". ويشير الحلو الى انّ "الانفجار له انعكاسات على المعابر التي كان يستخدمها حزب الله للتمويل والتزود بالعتاد"، معتبرا انّه " لا يمكن لايران الاعتراض على الوجود الغربي على الساحل اللبناني لا يمكن لإيران بسبب وجود المصالح الغربية".
روسيا لا تريد ان تتصادم مع الغرب في لبنان
وعن سبب غياب اي بارجة او اسطول روسي، يشدّد العميد الحلو على انّ "روسيا حقّقت كل اهدافها في المنطقة، فهي تمتلك وجودا فاعلا في سوريا لا يقلّ عن 20 سنة مستقبلية على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، وهذا الامر ليس معاكسا للمصالح الغربية". ويقول: "بالرغم من وجود تناقضات بين الغرب وروسيا في مناطق اخرى (اوكرانيا، اوروبا الشرقية) لكن فيما يخص منطقة شرق المتوسط، الوجود الروسي في سوريا ليس عليه اعتراض لا اميركي ولا فرنسي ولا اسرائيلي، ولا يوجد اي عمل غربي معادي للوجود الروسي في سوريا".
ويتابع: "روسيا لا تتدخل في لبنان بشكل كبير لكي لا تتصادم مع المصالح الغربية، وحتى لو أعيد تموضع لبنان باتجاه الغرب فروسيا لن تكون متضررة من ذلك".
هل من امكانية لصراع محاور على أرض لبنان؟
يجيب العميد المتقاعد خليل الحلو على هذا السؤال، بتأكيده انّ "هناك مصالح متقاطعة ومشتركة بين روسيا وفرنسا في ليبيا، والاخيرة تشكل اهمية كبرى لهذه الدولتين اكثر من لبنان، كون ليبيا من الدول التي تمتلك آبارا نفطية هائلة، لذلك استبعد اي تدخل روسي في مسار الجو الفرنسي في لبنان".
وعن فرضية انّ اسرائيل قامت بعملية في مرفأ بيروت، وانّ هذا التهافت الدولي نحو لبنان هو من اجل حمايتها، يعتبر الحلو الموضوع بأنّه "تدريجة صحفية لبنانية، فهل يعقل لدولة مثل فرنسا او اميركا او غيرهما، اتجهت جميعها الى لبنان فقط لحماية اسرائيل؟ هذه الدول قَدمت الى لبنان لحماية مصالحها لا لحماية مصالح اسرائيل، وعندما تلتقي مصالح الغرب مع اسرائيل سيقومون بهذا من دون اي خجل".
اسرائيل ضربت المرفأ
وفي ختام حديثه، يرى العميد خليل الحلو وبحسب قناعته الشخصية أنّ "اسرائيل من ضربت مرفأ بيروت، وعلى التحقيق ان يذهب في كل الاتجاهات سواء نحو فرضية الحادث، او فرضية التخريب، او حتى فرضية القصف الاسرائيلي". ويضيف: "مع مرور الوقت فرضية القصف الاسرائيلي تتثبّت اكثر فأكثر، مع العلم ان لا ادلّة ملموسة بحوزتي لكن كل ما اسمعه من شهادات الناس، الى الشظايا وبقايا القذائف غير المتفجرة، بالاضافة الى سماع صوت الطيران الحربي قبل الانفجار جميعها تدلّ على انّ اسرائيل تقف وراء هذه الحادثة".