العربية
تتواصل في سوريا، الإثنين، عمليات بحث مكثّفة عن معتقلين في زنزانات تحت الأرض في سجن صيدنايا، أكبر السجون السورية الذي تفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب، بينما تستمرّ الاحتفالات في دمشق بسقوط حكم بشار الأسد في أعقاب هجوم خاطف نفّذته فصائل المعارضة.
بدأ اليوم التالي لسقوط النظام في سوريا يعرب عن ملامحه، حيث أفادت مصادر "العربية" و"الحدث" بأن قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع التقى مع محمد البشير، وهو قيادي شغل منصباً في حكومة الإنقاذ بإدلب، وسط ترجيحات بتكليفه بتشكيل حكومة جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية في سوريا.
وأوضحت مصادرنا أيضاً أن الشرع والبشير، وبحضور رئيس الوزراء محمد الجلالي، قد اتفقوا على نقل إدارة المؤسسات السورية بسلاسة، ووضعوا آلية لنقل السلطة.
وغداة نقطة تحوّل تاريخية مع انتهاء حكم عائلة الأسد الذي امتدّ أكثر من نصف قرن في سوريا، أرسلت منظمة "الخوذ البيضاء" فرق طوارئ إلى سجن صيدنايا الواقع على بعد 30 كيلومترا من دمشق، "للبحث عن أقبية سرية داخله يُتوقع وجود معتقلين فيها".
استمرار البحث عن المعتقلين
وقالت المنظمة إنّ الوحدات التي أرسلتها "تضم فريق بحث وإنقاذ وفريقاً لنقب الجدران وفريقاً لفتح الأبواب الحديدية وفريق كلاب مدربة، وفريق إسعاف".
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تداول سوريون صور سجناء أُطلق سراحهم خلال تقدّم المعارضة، من أجل التعرّف عليهم في إطار جهد جماعي للم شمل العائلات. وأطلق آخرون، نداءات للعثور على أقاربهم المفقودين.
وفي وسط دمشق، استمرّ السوريون في التدفّق إلى ساحة الأمويين بعد رفع حظر التجوّل الليلي الذي فرضته فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، بعد سيطرتها على العاصمة الأحد.
وذكرت وكالات أنباء روسية أن الأسد، الذي حكم سوريا بيد من حديد طيلة 24 عاما، اتجه إلى موسكو مع عائلته بعد فراره من البلاد في مواجهة الهجوم الخاطف الذي بدأته فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" في 27 نوفمبر.
ماذا يحدث في سوريا؟
وفي حلب في شمال سوريا، استؤنفت الحياة تحت حكم "حكومة الإنقاذ" التي تمّ تشكيلها في إدلب (شمال غرب) معقل الفصائل المعارضة في العام 2017.
وسيطرت الفصائل بداية على حلب، ثاني مدن البلاد، باستثناء أحياء ذات غالبية كردية يسيطر عليها مقاتلون أكراد منذ أعوام.
ومن تركيا المجاورة أيضا تدفّق الكثير من السوريين العائدين إلى بلدهم عبر بوابة جيلفي غوزو الحدودية.
يعدّ الهجوم الذي شهدته سوريا غير مسبوق باتساع نطاقه منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الأسد في العام 2011 والتي قمعتها السلطات بعنف، قبل أن تتحول إلى نزاع دامٍ أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين وتسبب بدمار واسع.
وفي دمشق، أعيد الإثنين فتح عدد قليل من المتاجر، حيث أُغلقت المؤسسات العامة، بما في ذلك المدارس.
وكان الدخان لا يزال يتصاعد من وسط المدينة الذي يضم أجهزة الأمن، والذي أُضرمت فيه النيران الأحد.
وفي مختلف أنحاء البلاد، أسقط متظاهرون تماثيل لبشار الأسد ووالده حافظ الأسد الذي حكم سوريا من العام 1971 حتى وفاته في العام 2000.
وجاء ذلك بعدما انهارت القوات الحكومية في مواجهة هجوم استمرّ عشرة أيام، وتنازلت خلاله لفصائل المعارضة عن مناطق واسعة ومدن كبرى، في حلب (شمال) وحماة (وسط) ودرعا (جنوب) وحمص، قبل التنازل عن العاصمة.
ووسط التقدّم السريع الذي أحرزته فصائل المعارضة، قُتل 910 شخصا على الأقل، بينهم 138 مدنيا، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وينقل الهجوم الذي نفّذته فصائل المعارضة سوريا إلى مرحلة جديدة من عدم اليقين. وفيما رحّبت العديد من الدول بسقوط الأسد، وحذّرت من الانجراف نحو التطرّف.
وبعد سقوط حكم الأسد، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد انهيار اتفاق "فض الاشتباك" للعام 1974 مع سوريا بشأن الجولان، وأمر الجيش بـ"الاستيلاء" على المنطقة العازلة حيث تنتشر قوة الأمم المتحدة.
واحتلت إسرائيل القسم الأكبر من مرتفعات الجولان خلال حرب العام 1967 ثم ضمتها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
ومنذ العام 1974، كانت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المعروفة باسم "يوندوف"، تنظم دوريات في المنطقة العازلة.