آلة القتل والدمار وسّعت استهدافاتها في الساعات الماضية، إذ نفذ الطيران المعادي سلسلة غارات توزعت على مناطق سكنية آمنة أضحت ضمن "بنك الأهداف" الإسرائيلي. النيران المعادية صوّبت هذه المرّة باتجاه برجا من جهة، فكسروان وجرود البترون من جهة أخرى، موقعةً عدداً من الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين، كما دمّر القصف السوق التجاري القديم في منطقة النبطية، ليقابلها "حزب الله" برشقة تلو الأخرى من صواريخه.
بالتزامن، توالت التهديدات الإسرائيلية لأهالي القرى الجنوبية بعدم العودة إلى منازلهم، والتي طالت أيضاً الفرق الطبية في تأكيد جديد على إجرام العدو المتمادي والممنهج في سياق استمرار حربه على لبنان، وسط تكثيف الغارات على عشرات المناطق في الجنوب والبقاع متسببة بسقوط المزيد من الضحايا والمباني السكنية والبنى التحتية.
"لتجنّب الكارثة"، بهذه العبارة حذّر المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي من بلوغ الوضع مرحلة أخطر، قائلاً إنه لا يوجد حل عسكري والمطلوب مناقشات على المستويين السياسي والدبلوماسي، منبهاً من تطوّر الأمور نحو نزاع إقليمي قد تكون له آثار كارثية على الجميع.
من جهته، اعتبر الرئيس وليد جنبلاط أن الهجوم على اليونيفيل هو علامة سيئة للغاية في هذه اللحظة بالذات من تاريخ لبنان. وفي السياق، أدان الحزب التقدمي الإشتراكي الاستهداف الذي تعرضت له القوات الدولية لحفظ السلام داعياً لتطبيق القرار 1701، وموجهاً التحية للجيش اللبناني مجدداً مواقفه بدعم المؤسسة العسكرية.
سياسياً، لا تزال المساعي قائمة على خط التهدئة ووقف إطلاق النار، فيما لم يسجّل أي تقدّم ملحوظ حتّى الساعة. وفي السياق، تلقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي اتصالين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، حيث أكّد برّي الموقف الرسمي اللبناني الذي تبنته الحكومة اللبنانية والمُطالب بوقف فوري لإطلاق النار، كما نشر الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار 1701.
وفي هذا الصدد، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إتصالاً من الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين تمحور البحث خلاله حول سبل وقف اطلاق النار والعودة إلى حل دبلوماسي متكامل.
أمّا على جناح الحراك الدبلوماسي، فحطَّ رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف في بيروت، معلناً بعد محادثات أجراها مع الرئيسين بري وميقاتي تقديم المساعدات للنازحين تحت إشراف وإدارة حكوميّة كما إنشاء جسر جوي بين لبنان وإيران لهذا الشأن.
في السياق، اعتبرَ النائب السابق فارس سعيد أنَّ رسالة إيران من خلال هذه الزيارة التأكيد أنها لا تزال تُحافظ على موقعها في لبنان، وهو أمر كافٍ لإسرائيل بأخذه ذريعة لاستمرار حربها، مشيراً في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية إلى أنَّ لبنان لن يحظى بالسلام إلّا إذا أُفسح المجال أمام الدولة لاستعادة هيبتها.
سعيد علّق على استهداف القوات الدولية العاملة ضمن إطار الاتفاق 1701، واصفاً اياه بالرسالة المباشرة من قبل العدو إلى العالم للقول بإنه لن يرضى بعد اليوم بالعودة إلى القرار الأممي كما كان، متوقعاً أننا قد نكون أمام تعديلات على هذا القرار مستقبلاً.
وإذ رأى سعيد أنَّ التصعيد سيكون سيّد الموقف في الأيام المقبلة، معتبراً أنَّ الرد الإسرائيلي على إيران تأخّر لكون إسرائيل تدرس كيفية الرد ونوعيته وحجمه وتربط هذا التقدير بالانتخابات الرئاسية الأميركية.
بالمحصلة، فإنَّ واقع الميدان ينبئ بحرب طويلة الأمد في حال لم تنجح مساعي وقف إطلاق النار، بينما المطلوب اليوم تكاتف داخلي، إذ إن لا لغة تعلو فوق لغة التضامن الوطني لمواجهة العدوان وخلاص لبنان عبر إنجاز الاستحقاق الرئاسي لقيام دولة تحمي حدودها ومواطنيها من أي خرق يشكل خطراً على سيادتها.