عزت ابو علي - LebanonOn
إنكار الواقع في لبنان لم يعد ممكناً، فالبلد الذي كُتِبَ عليه اللاستقرار، أدَّت الاصطفافات والانقسامات الحادة بين مختلف فرقائه إلى تعطيل الحياة السياسية عند كل محطة وطنية أساسية واستحقاق دستوري.
هذه العوامل كانت المسبب الأساسي لكل النتائج اللاحقة، حيث تراجعت قدرات الدول إن لم نقل انعدمت في توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن كالكهرباء، المياه، الصحة العامة والتعليم، وازدادت معدلات الفقر وتصاعدت البطالة والهجرة، وفقد المواطن اللبناني مدخراته وودائعه في المصارف، حتى الأمل الأخير الذي تجلَّى بالغاز والنفط ذهب أدراج الرياح حين توقفت عمليات التنقيب عن هذه الثروة.
التراجع طال أيضاً حاجة إنسانية هامة وهي مشكلة تأمين الاكتفاء الغذائي الذاتي على الرغم من وفرة الأراضي الزراعية ومياه الري، إلَّا أن الاهتمام بالقطاع الزراعي لم يكن أولوية حكومية يوماً ما في ظل اعتماد لبنان على الاستيراد من الخارج.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل إنَّ مستويات التلوث وتكدس النفايات وعدم معالجتها وتلويث الأنهار والبحيرات والبحر والشاطىء أسهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة الأمراض وبالتالي الفاتورة الصحية المُرهقة التي يرزح تحتها المواطن والدولة على حد سواء.
وجاءت أزمة النزوح السوري المُعقدة والبعيدة عن الحلول إمَّا بتقصير أو افتعال لتزيد الطين بلة، حيث يكشف مصدر مطلع لموقع LebanonOn عن أنَّ خسائر النزوح السوري لامست الـ 60 مليار دولار أميركي منذ بداية الأزمة السورية في العام 2011، ويُحذِّر المصدر من أنَّ الخطر يحمل بين طياته محاولات دولية لجعلهم أمراً واقعاً في لبنان على غرار أقرانهم من اللاجئين الفلسطينيين وهذا ما سمعه أكثر من مسؤول لبناني في بروكسيل، الأمر الذي يُنذر بعواقب وخيمة بشأن التغيير الديمغرافي في لبنان وذوبان الشعب اللبناني باللاجئين لا العكس!.
التحلّل وصل إلى الإدارة العامة أيضاً التي تقاتل بلحمها الحي وهي التي تعتبر عصب الدولة، وهذا ما انسحب أيضاً على المؤسسات المولجة حماية الدولة وإنفاذ القانون التي لا تزال صامدة لغاية اليوم بوجه هذا الإعصار المُدمر، لكن السؤال يبقى إلى متى؟!.
من هنا يُطلق اللبنانيون صرختهم الدائمة وتساؤلاتهم المشروعة عن استقرارهم السياسي وأمنهم الاقتصادي، الاجتماعي، الغذائي، البيئي، الصحي، وأمن الطاقة والموارد، ليس هذا فحسب، بل، إن التساؤلات التي تُعَدُّ أكثر أهمية حول أمنهم الداخلي في ظل التفلّت الحاصل وانتشار الجريمة بمختلف أنواعها، وكذلك العسكري في ظل الأخطار المُحدقة بالوطن من العدو الإسرائيلي والإرهاب على حد سواء على الرغم من الجهد الكبير المبذول عسكرياً وأمنياً للحفاظ على الاستقرار، فيما تبقى مشكلة الأمن السيبراني قضية دولية بحاجة إلى تكاتف محلي وخارجي لتوفيرها.
طرح المشكلة لا يعني حلّها، بل تظهير ما وصلت إليه الحال في بلاد طال أمد انتظار المواطن على قارعة الطريق فيها علّه يجد من يُجيبه عن تساؤلاته وهواجسه، ويُخرج إرادة الحل من أدراج النسيان وإعادة تفعيلها.