عزت ابو علي – LebanonOn
منذ بداية شهر تموز الجاري لم يتوقف عداد الموت عن التسارع جرَّاء عشرات حوادث السير اليومية، مما سلَّط الضوء مجدداً على بنية السير المتداعية في البلاد، في ظل تراجع قدرة المؤسسات المعنية على صيانة الطرقات وتأهيلها ووضع خطة للسلامة المرورية قيد التطبيق.
ففي لبنان حيث تعصف الحرب جنوباً فاقت أعداد ضحايا حوادث السير، عدد شهداء الاعتداءات الإسرائيلية اليومية، الأمر الذي وضع حال الطُرق في مقدمة الجهات المُعتدية على اللبنانيين.
يصل طول شبكة الطرق على الأراضي اللبنانية إلى 22 ألف كيلومتر، تقدّر كلفة صيانتها، استناداً إلى المعايير العالمية المُتبعة بـ 111 مليون دولار، أي ما يعادل قرابة الـ 10 آلاف مليار ليرة وفق سعر الصرف الحالي، وهو الأمر الذي يعني أنَّ موازنة وزارة الأشغال العامة والنقل برمتها تُقارب نصف المبلغ المطلوب لصيانة الطرق فقط.
على الدوام يؤكد وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميه أن كل طرقات لبنان تعاني من موضوع السلامة العامة، وفي ظل انعدام قدرتها على تأهيل الطرقات، عمدت الوزارة إلى ترقيع الحفر، في غياب اعتمادات لتعبيدها بالإسفلت.
وتعاني طرقات لبنان من دون استثناء من غياب أو نقص تدابير الحماية، ولا يتم التعامل مع السلامة المرورية كأولوية، خصوصاً على وقع الانهيار الاقتصادي المتمادي الذي يشهده لبنان منذ قرابة الخمس سنوات.
ووسط غياب الصيانة والإنارة وإشارات السير ووسائل الحماية، وصل ترهل الطرقات الى حدّ سرقة أغطية المجاري الصحية، مما جعلها مصيدة للسيارات، وهو ما أعادها إلى ما كانت عليه قبل العام 2000، بالإضافة إلى انعدام القدرة المادية لصيانة السيارات، ما دفع بالمواطنين الى اعتماد وسائل نقل أخطر مثل التوكتوك والدراجات النارية التي تؤدي كلها إلى حوادث مميتة، ومع توقف المعاينة الميكانيكية الإلزامية، والاتكال على المعاينة الذاتية التي أصبحت مستحيلة لدى البعض بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، رتَّب هذا الأمر خطورة إضافية على السائقين، وسط غياب شبه تام لوسائل النقل العام إمَّا لأسباب إدارية أو لرغبة البعض بعدم تشغيلها كما حصل خلال الاعتداءات الأخيرة على باصات النقل العام وتحطيمها.
قبل مدة صدر تقرير دولي يُفيد باحتلال لبنان المركز الأول لأخطر بلد في العالم بالنسبة لقيادة السيارات، بناءً على دراسة شركة "Global Positioning Specialists" ، وهذا الأمر لا يُعَدُّ مفاجئاً في ظل ما الواقع الحالي للطرقات في لبنان والغياب شبه التام لسلطة إنفاذ القانون وتجاهل تطبيقه.
تُنهك طرقات لبنان السائقين الذين باتوا يُخيَّرون بين الهروب من حفرة أو التصادم مع مركبة أُخرى، وبين القيادة بسرعة جنونية أو الوقوع ضحية عصابات "التشليح" المنتشرة على الطرقات، هذا بالإضافة إلى تحوّل العديد من الطرق السريعة إلى مواقف لكبريات المؤسسات التجارية وهو ما يتسبب بزحمة سير خانقة أو القيادة بتهوّر لعبور الازدحام الأمر الذي ينتهي غالباً بحادث مروري!.
فإلى متى سيبقى اللبناني ضحية اختباء المعنيين خلف أصابعهم؟ وكم من المفترض أن يسقط من الضحايا بعد حتى يتم التحرّك لوضع حدّ لهذا التفلّت؟!.