عزت ابو علي - LebanonOn
التاريخ لا يعبأ بالأمنيات، هكذا هي سُنته، فأين تُصرف أو تُعرب كلمة "لو" والتاريخ يشهد على ذلك على مرّ الأزمان.
وحدها الحقيقة هي التي تصنع السبب لتُحصد النتائج أيَّاً كانت.
هذا ما ينطبق فعلياً على محاولة اغتيال دونالد ترامب، التي كادت لو نجحت بأن تعود بعواقب مدمرة لا تقتصر على الولايات المتحدة، بل تشمل العالم أجمع.
فهل نجت الولايات المتحدة الأميركية من كوارث أم أنها أجلتها إلى ما بعد الانتخابات؟
منذ أن ظهر إلى العلن في العام 2016 أقرّ العالم بأنه أمام رجل مزاجي يصعب التكهن بما يُفكر.
فترامب يكاد يتميَّز بأنه الرئيس الأميركي الوحيد الذي هدَّد بانقسام البلاد مهما كلف الأمر سعياً وراء طموحاته الرئاسية، لذا فإن نجاة ترامب أدى إلى تأخير اندلاع معركتين مصيريتين في تاريخ الولايات المتحدة.
تتوقع الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، على الأقل منذ انتخابات العام 2016، حرباً أهلية عندما أدركت لأول مرة مدى عمق الانقسام الداخلي فيها.
لذا فإن الاضطرابات الجماهيرية وأعمال الشغب، لو تم اغتيال ترامب، ستكون مسألة حتمية دون أفق نهاية لها ولا تقديرات لأعداد ضحاياها والأخطر من ذلك هو مصير الولايات المتحدة فمن المرجح ألَّا تخرج من اضطراب أهلي دولةً واحدة.
الجنوح نحو الجنون في أميركا مستمر، فحتى لو فاز ترامب بالرئاسة فإن أعمال الشغب أيضاً لا مفر منها، وستحمل دلالات عنصرية، فكيف لعاقل أن ينسى ما فُعِلَ بأصحاب البشرة السوداء من أصول أفريقية وكذلك أبناء اللاتين إبان ولايته؟
لذا فإنَّ الاستنتاج يُبنى على أنَّه في أية حال فإن أميركا أجلت حربها الداخلية إلى ما بعد تشرين الثاني المقبل على الأقل.
إنَّ أية اضطرابات في الدولة التي تتربع على عرش العالم اقتصادياً وعسكرياً، ستعصف بكوكب الأرض برمته، ومن أكثر من أوروبا خبرة فيما سيحصل، وهذا ما يُفسِّر الخوف الأوروبي من وصول ترامب الذي عانت أوروبا إبان حكمه الكثير حينما كان يهددها بالتخلي عنها في كل مناسبة.
إنَّ معظم دول الاتحاد الأوروبي اعتمدت على أمريكا على مدى السنوات الثلاث الماضية إبان حكم جو بايدن، وأوربا اليوم خاصة من يتصدرها أي فرنسا وألمانيا لا تريد على الإطلاق تدمير الاستقرار الجديد، حيث تكمن المصلحة الأوربية مع بايدن الذي لم يمارس ضغوطاً سياسية على بروكسل لإجبار الاتحاد الأوروبي على التحرك نحو مزيد من الاعتماد على نفسه خاصة في مجال الأمن، بينما ترامب قادر تماماً على التخلي عن القارة العجوز، وبالتالي فإنَّ المشهد السياسي في الاتحاد الأوروبي سيكون أكثر تعقيداً خاصة إذا ما نفَّذ ترامب طموحاته باحتواء روسيا عبر تقاسم المغانم.
وأمام هذا فإن الخطر الأكبر يبقى بأن تكون ولاية ترامب الرئاسية أكبر حافز للقوى اليمينية في الاتحاد، والتي تحمل تجارب سابقة في حكمٍ دفع العالم لحربين متتاليتين، وهذا هو الأمر الذي لا يخيف الأوروبيين كثيراً فحسب، بل، العالم بأسره.