عزت ابو علي - LebanonOn
خلال الزيارة الأخيرة للصين، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن رغبة بلاده في الانضمام إلى بريكس.
مناقشة هذه المسألة ستجري في اجتماع وزراء خارجية المجموعة في نيجني نوفغورود في روسيا يومي 10 و11 حزيران الجاري.
فيدان في كلامه شدَّد على رغبة بلاده بالانضمام إلى المجموعة الشرقية، فهو أشار صراحة إلى أن بعض الدول الأوروبية تعارض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، لذلك ترى أنقرة في بريكس منصة بديلة للتكامل.
يقول المراقبون، إنَّ انضمام أنقرة إلى بريكس يُعزِّزُ مكانة المجموعة على الصعيد الدولي، فتركيا تتمتَّع باقتصاد قوي جداً وضعها في مجموعة الـ 20 الكبار على هذا الصعيد، كما أنَّها تتسلَّح بقوة عسكرية هائلة تُعَدُّ الأولى في الشرق الأوسط، وبجغرافيا استراتيجية، هذا بالإضافة إلى أوراق قوتها في القوقاز والبلقان وآسيا الوسطى والمنطقة العربية وأفريقيا، ولكونها معبراً رئيسياً لمصادر الطاقة نحو القارة العجوز، وممرات مائية "البوسفور والدردنيل" الأمر الذي يُعتبر المنفذ الوحيد للدول المحيطة بالبحر الأسود إلى العالم.
وعلى الرغم من كل هذه المؤشرات يبقى أمام الباحثين في مسألة انضمام تركيا للجموعة مشكلة تتجلَّى بإمكانية أية دولة التخلي عن الانضمام لبريكس في أي وقت، كما فعلت الأرجنتين، التي كان من المفترض أن تصبح عضواً رسمياً في بريكس في العام الجاري، لكنها ألغت طلبها بعد تغيير الرئيس، الأمر الذي يرى فيه المراقبون صعوبة في انضمام تركيا إلى المجموعة، بانتظار تحديد معايير العضوية فيها بشكل نهائي، لذا قد يكون الحل طويل الأمد للمشكلة هو تحديد عدد الأعضاء الدائمين في المجموعة، وقبول الوافدين الجدد وفق صيغة بريكس+، خاصة وأنَّ القيادة الحالية في تركيا تبدو أقرب للشرق من الغرب، لكن ما الذي سيحصل في حال وصول المعارضة المرتبطة بالغرب بشكل وثيق إلى السلطة بعد أعوام قليلة وهي التي أظهرت تفوقاً واضحاً على الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية؟.
معضلة أُخرى أمام انضمام تركيا للمجموعة، حيث يُعَدُّ انسحابها من الناتو شرطاً مثالياً للانضمام إلى بريكس، فهل سيوافق الأتراك على ذلك؟.
تُشير كل التجارب التي مرَّت بها تركيا باعتبارها قوة كبرى وحضارة ضاربة في جذور التاريخ بُنيَّت على أنقاض واحدة من أعظم الامبراطوريات عبر الزمن "السلطنة العثمانية"، إلى أنَّ تمسّك أنقرة بأية منظمة دولية حتى النهاية يُعتبر أمراً مستحيلاً، ففي حلف شمال الأطلسي يُشبهها الأعضاء بـ "الولد المزاجي"، وليست العضو الأكثر ولاءً للناتو، وهذا ما يدلّ على أن أي إعلان بالرغبة التركية في الانضمام إلى مجموعة بريكس يعكس الاتجاه الناشىء للسياسة الخارجية متعددة الاتجاهات في عقود حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، فالرجل بات مؤمناً بأنَّ الغرب يضعف يوماً بعد آخر، لذا فهو يقوم بتنويع علاقاته وتولية وجهه شطر الشرق، بما في ذلك دول بريكس.