يبدو ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يمعن في تعلية مصالحه الخاصة ليس على حساب البلد فقط بل على حساب القانون والحق. وهذه المرة الضحية ليست لبنانية ولكن نتائج خضوع ميقاتي للفرنسيين ومصالحه الفرنسية قد تضرب علاقة لبنان العربية.
هذه المرة، تشهد قضية في الكواليس تواطؤا بين ميقاتي والحكومة الفرنسية، بحق رجل أعمال جزائري لا يزال موقوفا إعتباطيا في لبنان، وهو مهدّد بأن يسلّم الى فرنسا من دون أي وجه حق.
في تفاصيل القضية، رجل اعمال جزائري يدعى عبد الكريم طويل، مولود في فرنسا من والدين جزائريين، ويحمل الجنسية الفرنسية بالاضافة الى جنسيته الاساسية الجزائرية؛ غادر فرنسا في العام 2017 واستقر في دولة الامارات العربية في امارة دبي حيث مكانَ عمله حاليا ومكان اقامته مع زوجته واطفاله الثلاثة، حيث عمل في تجارة السيارات حتى صار من التجار الكبار في هذه السوق وقد حاز على اقامة ذهبية فيها.
في أواخر شهر تشرين الاول من العام 2023 وردت مراسلة من السلطات الفرنسية الى الجهات المختصة في حكومة دبي طالبة تسليمها السيد عبد الكريم طويل بحجة انه متهم بإرتكاب جريمة مخدرات على الاراضي الفرنسية في العام 2019، علما انه في هذا التاريخ كان مقيما في امارة دبي ولم يغادرها.
بادرت السلطات في دبي الى توقيف طويل بتاريخ 25 تشرين الاول 2023، وأجرت معه تحقيقا حيث أكّد انه في تاريخ حصول الجريمة لم يكن اصلا في فرنسا وانه غادرها منذ العام 2017 ولم يعد اليها طوال هذه الفترة حتى تاريخه، نافيا اية علاقة له بالجريمة النكراء المساقة ضده، وقد ثبت طبعا لدى سلطات دبي انه في هذه الفترة كان متواجدا على اراضيها.
أبقت الجهة المختصة في حكومة دبي السيد طويل موقوفا لديها بانتظار إرسال الحكومة الفرنسية ما يثبت تورطه في الجريمة المتهم بها. وبعد مراسلات استمرت عدة اشهر مع الجهات الفرنسية المختصة التي لم تستطع اثبات او ارسال ما يثبت التهمة، ورغم وجود اتفاقية تسليم مطلوبين بين حكومة دبي والدولة الفرنسية، حفظت الجهة المختصة في حكومة دبي اوراق تسليم السيد عبد الكريم طويل وكفّت البحث واطلقت سراحه بتاريخ 5 شباط من العام الحالي، ايّ بعد مرور حوالي ثلاثة اشهر ونصف على توقيفه.
لاحقا، وبعد ان افرجت حكومة دبي عن عبد الكريم طويل بعد ان ثبتت لها براءته من التهمة الفرنسية، واثناء قدومه الى لبنان في زيارة خاصة، اوقف في مطار بيروت بموجب المذكرة الحمراء نفسها التي أوقف بموجبها في دبي، وأحيل الى النيابة العامة التمييزية في بيروت التي وبعد إجراء تحقيق معمّق وشفاف معه أطلقت سراحه، ولكن يبدو ان الحكومة الفرنسية تواصلت مع الحكوة اللبنانية طالبة تسليمه لها، وهنا يبدو مكمن التواطؤ الذي حصل.
فرغم عدم وجود اتفاقية تسليم مطلوبين بين الحكومتين الفرنسية واللبنانية، استدعته النيابة العامة التمييزية واوقفته وباشرت بإجراءات تسليمه.
بحسب ما هو واضح ومؤكد من ملف الإسترداد المرسل من الحكومة الفرنسية فإن لا علاقة للسيد عبد الكريم طويل بالجريمة المتهم بها، لا من قريب ولا من بعيد، حيث لم يظهر في التحقيقات المجراة امام الجهات الفرنسية المختصة مع الموقوفين فيها وهم كثر أنّ أيّ منهم يعرف عبد الكريم او تربطه به اية علاقة؛ كذلك لم يظهر في الاوراق اي مؤشر مؤكد ضده، حيث استندت هذه الجهات في سوق التهمة اليه الى مراسلة باللغة الاسبانية مع المتهمين من شخص يدعى "ويكي"، قررت الجهات الفرنسية انه عبد الكريم طويل دون اي دليل جدي او منطقي.
وفي الواقع القانوني، ورغم أنّ من حق الحكومة اللبنانية والجهات القضائية المختصة ووزارة العدل رفض التسليم بعد دراستها لملف الاسترداد اذا لم تتولد لديها القناعة بحصة التهمة وهو واقع هذه القضية، إلا ن تسليم المطلوبين وبحسب القانون اللبناني يقتضي صدوره بمرسوم جمهوري عن رئيس الجمهورية، وبالتالي فإنّ الحكومة اللبنانية لا تملك هذا الحق حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ناهيك عن انه لا يوجد اي اتفاقية تسليم مطلوبين بين لبنان وفرنسا كما ذكرنا.