عزت ابو علي – LebanonOn
أجمعت معظم الأراء في لبنان على أن زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة إلى بيروت لزوم ما لا يلزم.
فالظروف المحلية للتسوية الرئاسية لم تنضج بعد، وكذلك الإقليمية والدولية في ظل التوتر المتصاعد في جنوب لبنان بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، وفي غزة حيث يبدو الحل رغم الآمال الذي وضعها الرئيس الأميركي جو بايدن بعيد المنال.
يقول مصدر مطلع على الزيارة في حديث لـ LebanonOn إن زيارة لودريان إلى لبنان لم تختلف عن سابقتها فحسب، بل، إن الفرنسيين يلعبون في الوقت الضائع مع الأطراف اللبنانية كافة.
ويلفت المصدر إلى أن الزيارة كانت إعلامية أكثر منها للبحث الجدي عن حل لأزمة الشغور الرئاسي، فباريس تدرك تمام الإدراك أنَّ لا أمل في بحث معضلة الرئاسة قبل وقف الحرب، وهي سمعت أكثر من مرَّة من بعض الأطراف اللبنانية الوازنة عن استحالة فصل المسارات، سواء مسار غزة وجنوب لبنان والأخير والرئاسة.
ويُشير المصدر إلى أن فرنسا تحاول عبر لودريان الترويج لنفسها على أنَّها لاعب دولي مؤثر بعد تقهقرها في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا الشرقية، ويصف سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالحمقاء في لبنان، حيث تُدرك كافة الأطراف اللبنانية أن الدور الفرنسي تلاشى، لذا فهي لا تُعير أي اهتمام لمبادرات لودريان.
وعن أهداف الزيارة يُشدِّد المصدر على أنَّها محاولة فرنسية لتسجيل نقطة تتسلَّح بها باريس قبل القمة المرتقبة بين بايدن وماكرون، حيث يريد الأخير وبأي ثمن القول للرئيس الأميركي بإن بلاده لا تزال تمتلك اليد الطولى في ملفات الشرق الأوسط وفي طليعتها القضية اللبنانية.
الإدارة الأميركية بحسب المصدر تُدرك تمام الإدراك أن فرنسا فقدت دورها، لذا فواشنطن تستهزأ بزيارات لودريان إلى بيروت، وهو ما ظهر جلياً من خلال تجاوب الأطراف في لبنان مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بشكل جدّي مع الطروحات التي يقدّمها خلال زياراته إلى بيروت.
ويرى المصدر أنَّ الأميركيين بإمكانهم ضبط الصراع وتصعيده وإيقافه، لكن الرغبة غير موجودة الآن، لأنَّ أهدافهم لم تتحقّق بعد، وفي مقدمتها تأمين خط سير الممر الهندي القادم من الهند مروراً ببعض الموانىء العربية فسواحل الأراضي الفلسطينية المحتلة وصولاً إلى أوروبا، بهدف إيجاد البديل عن مبادرة الحزام والطريق الصينية.
ويشدّد المصدر على أن الحرب في لبنان لن تتوسّع بضغط أميركي، بهدف الحفاظ على منطقة آمنة للاجئين السوريين، بعد تشديد العقوبات على سوريا وفرار العديد من أبنائها إلى لبنان نتيجة الخناق الاقتصادي على دمشق.
وعن الصمت الصيني على كل ما يحصل في الشرق الأوسط يؤكد المصدر أنّ واشنطن بارعة جداً بسياسة "الأخذ والعطاء"، فالإدارة الأميركية لم تكن حازمة بالتصدي لمناورات الصين المتكررة حول تايوان، في إشارة إلى اتفاق ضمني بين واشنطن وبكين للسماح الأخيرة بتنفيذ ما تريده هناك، مقابل غض النظر عن السياسات الأميركية في الشرق الأوسط، ويستشهد المصدر في حديثه لـ LebanonOn بالحادثة التاريخية التي جرت يوم احتلال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت والسيطرة على 22 بالمئة من نفط العالم، حينما أوفد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب وزير خارجيته جايمس بيكر إلى الاتحاد السوفياتي رغم الخلافات الحادة بينهما، لاستخلاص موقف مؤيد لعملية درع الصحراء التي أُسميت فيما بعد بعاصفة الصحراء أو حرب تحرير الكويت، وهو ما حصل فعلاً حيث أدان الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت غزو العراق للكويت، ليتبيَّن لاحقاً أن ثمن ذلك قبضه قائد المعسكر الشرقي الذي كان يمرّ بظروف اقتصادية صعبة جداً، حينما قدَّمت له الكويت بعد تحريرها مساعدة مالية قُدّرت بـ 2 مليار دولار أميركي.