عزت ابو علي - LebanonOn
عند اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية عاد ممر سوالكي ليكون حديث العالم، خاصة بعد تصريح أطلقه عضو البرلمان الروسي، نائب وزير الدفاع السابق، أندريه كارتابولوف الذي قال "في غضون ساعات، سيغزو الرئيس فلاديمير بوتين ممر سوالكي البري".
لم تنفذ روسيا تهديداتها، رغم أنَّ الممر البري الممتد لمسافة 100 كيلو متر على طول الحدود الليتوانية - البولندية (أعضاء في الناتو) بين بيلاروسيا (حليفة روسيا) في الشرق وجيب كالينينغراد الروسي إلى الغرب، يصفه كل الخبراء بأنه أخطر بقعة على وجه الأرض.
يشعر بوتين بأنَّ الغرب لن يتوقف عن محاولات عزله، فليتوانيا نفّذت سلسلة من القيود على العبور بين كالينينغراد والبر الرئيسي لروسيا قبل عامين وذلك ضمن العقوبات الأوروبية على موسكو، ليتوقف عبور الفحم والمعادن والأسمنت والخشب ومواد البناء ومنتجات التكنولوجيا الفائقة عن طريق النقل بالسكك الحديدية.
يومها مررت موسكو الأمر على اعتبار أن بولندا لم تتخذ إجراءات على غرار ما فعلت ليتوانيا، لكن الأخطر اليوم هو إعلان وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتشاك، تشييد حاجز على امتداد الحدود مع جيب كالينينغراد الروسي بحجة منع العبور غير القانوني للمهاجرين الذي تتهم وارسو موسكو بتدبيره.
الحاجز المُكوَّن من ثلاثة أسوار متوازية من الأسلاك الشائكة ارتفاعها 2,5 متر وعرضها الإجمالي 3 أمتار مجهزة بمعدات إلكترونية، سيمتد على طول المعبر المتفجر.
ترى موسكو أن الحجة واهية وهي تأتي مع التقدم الكبير للجيش الروسي في أوكرانيا وتقهقر قوات كييف أمام ضربات موسكو، في سعي لتضييق الخناق على المقاطعة الروسية وبالتالي وضع بوتين في مأزق.
لكنَّ أبناء بروكسيل يبدو أنهم يصمون الآذان عن التحذيرات الروسية كما الدولية، حيث يحذِّر المراقبون من أن هذه المنطقة ستكون على الأرجح أحد الأهداف الأولى للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذا اختار يوماً ما تصعيد الهجوم باتجاه أوروبا، وهو ما وصفه خبراء بأنه سيناريو يوم القيامة.
تحذيرات المراقبين تأتي بالتوازي مع ما جدَّد تأكيده رئيس لجنة حماية سيادة الدولة في البرلمان الروسي أندري كليموف، من أنَّه إذا لم يصحح الاتحاد الأوروبي الوضع مع الحصار، فإنه سيطلق يد روسيا لحل هذه المشكلة بأي وسيلة، لافتاً إلى أن موسكو لن توقف نفسها إذا تم عزل سكانها في منطقة كالينينغراد.
صحيفة بوليتيكو المطلعة على سير الأحداث هناك، نشرت تقريراً يقول إنه مثلما يحاول بوتين إنشاء جسر بري بين روسيا وشبه جزيرة القرم، فإن الاستيلاء على ممر سوالكي الذي سُمي على اسم بلدة بارزة على الجانب البولندي من الحدود، يُمكن أن يربط القوات الروسية في كالينينغراد مع المتمركزين في بيلاروسيا، لكن بوتين بحاجة إلى ذريعة، فهل أمَّنت الإجراءات البولندية - الليتوانية ذلك؟!.
في كالينينغراد نشرت روسيا وحدات عسكرية هائلة، وأسلحة نووية، وعشرات آلاف الجنود من قواتها الخاصة، وفي أوكرانيا تبدو روسيا مرتاحة لسير الأحداث، وكذلك في البلطيق فإن لروسيا اليد الضاربة هناك وسط دول ليست مجهزة بشكل جيد لأي هجوم محتمل، فهل ستكون الضربة التالية الروسية في سوالكي؟.
هذا السيناريو الخطير يبدو أنَّه قابل للتحقق، فأوروبا عاجزة عن مواجهة روسيا وهي تعتمد في ذلك على الولايات المتحدة المتخبطة في وحول الشرق الأوسط والتي تصوّب أنظارها نحو الحصار الصيني المستجد لتايوان كما انشغالها في انتخاباتها الداخلية، فهل تستغل روسيا نقاط الضعف هذه وتنفذ التهديد؟ وهل ستكتفي أوروبا بالمشاهدة أم أن ردود الفعل العسكرية التي رافقت احتلال هتلر لبولندا في ثلاثينيات القرن الماضي ستعود إلى الواجهة من جديد وتُعيد إشعال أوروبا وبالتالي العالم؟.