عزت ابو علي – LebanonOn
بعد 13 عاماً على أزمة النزوح السوري وتبعاتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية والبيئية، قرَّر مجلس النواب الاجتماع لبحث هذه الأزمة التي باتت وجودية بالنسبة للبنان، الذي يأوي بحسب ما صدر عن المجلس أكثر من مليوني نازح سوري يشكلون 44% من عدد السكان، أي أن لبنان هو الدولة الأولى في العالم قياساً لعدد سكانه بنسبة النازحين.
ولأوَّل مرة توصّف السلطة اللبنانية عبر مجلس النواب، المشكلة بدقة، وتتكلم بشكل رسمي عن إعادة الداخلين والمقيمين السوريين غير الشرعيين في لبنان إلى بلدهم وخلال مدة أقصاها سنة من تاريخه، لذا أوصى مجلس النواب الحكومة بـ 9 نقاط في سبيل ذلك.
ظروف الاجتماع النيابي كانت ضاغطة على السلطة هذه المرة، فهو أتى بعد قضية المليار يورو وما تبعها من مشروع العمالة الموسمية للبنانيين في دول الاتحاد الأوروبي، وكأن بروكسيل تُقايض بيروت على إبقاء النازحين وهو ما فجَّر غضباً بين الشعب اللبناني بكافة أطيافه، لتُتَهَم الحكومة ببيع الشعب الذي طالب الأوروبيين بأخذ النازحين للعمل الموسمي لديه.
في الحقيقة فإنَّ الهاجس الأكبر للاتحاد الأوروبي هو قضية النزوح، وهو يسعى لعدم عبور النازحين باتجاهه، ويعامل كل دولة تأوي السوريين بحسب قوتها وقربها من شواطئه، فمع الجانب التركي يسير الاتحاد بحذر شديد ويقدِّم لتركيا ما يضمن عدم تحولها إلى معبر للسوريين باتجاهه، إلَّا أن أنقرة تضغط على الاتحاد في لحظة تخليه عن التزامته ليعبر السوريين إليه ليبادر الاتحاد فوراً إلى الإيفاء بتعهداته.
أما في لبنان وفي لحظة عبور المراكب ووصولها إلى قبرص، بادر الاتحاد فوراً لحلّ مشاكله على حساب لبنان، الذي يدرك الجميع فيه بأنَّ هبة المليار يورو لن تكفي لسد الجزء الصغير من تكاليف النزوح المقدرة بعدة مليارات من الدولارات سنوياً.
في ختام توصياته طالب البرلمان الحكومة بالتزام التوصيات وتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر للمجلس النيابي حول مراحل التنفيذ، فهل تعد التوصية إلزامية؟
يقول مصدر قانوني في حديث لـ LebanonOn إن مجلس النواب ومن ضمن الصلاحيات المناطة به بحكم الدستور ونظام المجلس الداخلي، يحق له إصدار التوصيات، وقد حصل وأن أصدر أكثر من توصية في أكثر من مناسبة.
ويُشير المصدر إلى أن التوصية النيابية ليست لها قوة إلزامية للحكومة، بل، اعتبارية وإرشادية لا أكثر ولا أقل، ولكن وفي مثل هذه الحالة الأخيرة فإنَّ حيازة التوصية على مجموع مجلس النواب أو الجزء الأكبر من أعضائه، يُعطيها قوة إلزامية اعتبارية أو معنوية حكومياً، لذا يُفترض في قضية النزوح على الحكومة الأخذ بأية توصية تصدر عن مجلس النواب، كونه ممثل الشعب والمجتمع الذي يجب أن تحترم الحكومة توجهاته وتطلعاته حول أية إشكالية يمكن أن تقع، وبالتالي وعلى الرغم من أن التوصية غير ملزمة دستورياً للحكومة، إلَّا أن إجماع الجزء الأكبر من مجلس النواب عليها أعطاها قوة اعتبارية كبيرة يفترض احترامها.
كثيرة هي القرارات البرلمانية في لبنان والتي لم تسلك طريقها نحو التنفيذ، ولكن الأنظار اليوم كلها متجهة إلى الحكومة لمراقبة كيفية تعاطيها مع توصيات النزوح، فهل آن الأوان لإغلاق هذا الملف أم أن القضية ستُقفل بعد هدوء الشارع كما غيرها؟!.