عزت ابو علي – LebanonOn
منذ أعوام قليلة انتشرت ظاهرة المحتوى المنافي لكل قِيَمِ الإنسان عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وسارت في المجتمع كالنار في الهشيم.
أشخاص بالآلاف من كافة الفئات العمرية يفتقدون للخلفيات الثقافية، التعليمية، التربوية والأهم خروجهم من المنظومة القِيَمِيَّة للمجتمع، سعياً وراء الكسب السريع بالإضافة إلى مرض الشهرة والتقليد الأعمى.
الموبقات كثيرة، من سقوط للمحرَّمات والمحظورات، على المستويات كافة خاصة الأخلاقية منها، مع تغيير المصطلحات لإضفاء صفة القبول عليهم من قِبَلِ المجتمع، فعلى سبيل المثال بات من كان يُوصف بالتافه يوماً "تيكتوكير"، فيما أُطلق على عديم الذوق والأخلاق "بلوغر"، وأضحى من وُصِفَ يوماً بالجائع "فود بلوغر" والأمثلة كثيرة...
لكن لماذا وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم؟
تقول المرشدة التربوية الدكتورة حسناء أبو حرفوش في حديث لـ LebanonOn إنَّ صناعة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي هي دائماً مرآة تعكس مجموعة من البشر في أوقات معينة، خاصة في ظل عصرنا الحالي حيث يسود طغيان الجهل على المعرفة.
وتؤكد أبو حرفوش أنَّ النفس تميل لكل ما هو جدلي ومخالف لما هو مسموح به، على قاعدة "الممنوع مرغوب"، فاللعب على الطبيعة البشرية يكون بإثارة الفضول عبر محتوى خادش للعين والحياء ويتجاوز الخطوط الحمراء والنفس تميل له، حيث نجح هؤلاء بتمرير فكرة أنَّ محتواهم هو ما يريده المتابع لهم اليوم، ولذا استحوذوا على ملايين المتابعين من كافة الفئات العمرية والاتجاهات بالإضافة إلى بعض البرامج عبر وسائل الإعلام، فحتى الرافض لهم بات ضحية المجندين للردِّ على أية انتقادات لهم، فهؤلاء يعملون ضمن شبكات منظمة، بهدف الاستمرار بنشر الجهل وإغراق المجتمع برمته في بحرهم المُلوَّث، ما دفع الجمهور للتفاعل مع هذه التفاهات المعروضة أو المحتوى الفارغ المُجرَّد من المعاني، والذي بات مقصداً للتسويق ونشر الفكر الإستهلاكي السريع لهذه الأفكار أو المُنتجات أو أي هدف يسعون لتعريف المجتمع عليه بعد أن تحوَّل إلى مجتمع يبتغي الإستهلاك السريع وإرضاء الغريزة.
غياب التوعية والاستراتيجيات التي أدَّت إلى انتشار المحتوى العشوائي الهابط، لم يقف بحسب أبو حرفوش حائلاً أمام المحتوى النقيض له، أي الهادف وإِن قلَّ كثيراً، نظراً لعدم امتلاكه قيمة تسويقية، نتيجة تغييب المجتمع الذي بات معادياً بغالبيته للقراءة، علماً أنها في صلب الموروث الثقافي والتاريخي فالعلاقة مع الحرف منذ أن وُجِدَ ارتبطت بالنُور، وتغذية الحس النقدي بشكل إيجابي.
وتُشدِّد أبو حرفوش في حديثها لـ LebanonOn على ضرورة المُسارعة لمعالجة هذه الظاهرة قبل فوات الأوان، وتلفت إلى أهمية دعم صُنَّاع المحتوى الهادف بشرط تحديد السياق، وإيجاد استقلالية مادية لهم، لأنَّ المال اليوم هو من يتحكم بالمحتوى، عبر الترويج لهم سواء بالاشتراك في قنواتهم أو تعريف المجتمع عليهم، وصولاً إلى تقديم دعم مادي لهم عبر الإعلانات، بهدف تحقيق أعلى نسبٍ من التفاعل لاجتذاب الجمهور من كافَّة الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية لمتابعتهم، وبالتالي إحداث فرق إيجابي في المجتمع وتحويل اهتماماته من متابعة المحتوى العشوائي نحو التفاعل مع المحتوى الهادف.