عزت ابو علي – LebanonOn
قبل عام ونيف من اليوم اتخذت المملكة العربية السعودية خياراً آخر في التعاطي مع سوريا وأزمتها الممتدة منذ العام 2011.
فالرياض الساعية للوصول برؤيتها 2030 كما رسمتها، هي أشد من يحتاج الى استقرار في المنطقة، عبر تصفير الخلافات أولاً، والعمل على تحقيق الاستقرار ثانياً، والدخول في استثمارات متبادلة مع أشقائها العرب ثالثاً.
في أكثر من مناسبة أرسلت المملكة رسائل إيجابية إلى سوريا، كانت أولى هذا الرسائل العام الماضي حين اتفق الوزراء العرب في اجتماع جدة على ضرورة لعب دور قيادي عربي في جهود إنهاء الأزمة في سوريا، وأعلنت يومها الخارجية السعودية أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية.
بعد ذلك كانت السعودية الحاضر الأبرز في لقاء الأردن خلال الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية الأردن ومصر والعراق والسعودية، بمشاركة وزير الخارجية السوري، لبحث الجهود المبذولة لإطلاق دور عربي قيادي للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية.
وتُوّجت جهود المملكة بالصورة التي فاجأت الجميع حين تصافح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السوري بشار الأسد الذي استعاد مقعد دولته في الجامعة العربية من أرض الرياض وبترحيب سعودي كبير، لِتُفتح الأبواب سريعاً بين الدولتين الوازنتين.
ومنذ تلك اللحظة بدأت الرياض ودمشق عهداً جديداً بالعلاقات، انطلق بالحديث عن عودة التمثيل الديبلوماسي بين الجانبين، لكنَّ التواصل دخل إلى كل جوانب العلاقات وفي مقدمتها الاقتصاد، والحل برعاية السعودية.
مصدر سوري مطلع على سير الملف أكد في حديث لـ LebanonOn أن فتح مسار التعاون الاقتصادي واستئناف الأنشطة والفعاليات التجارية والاستثمارية بين الجانبين انطلق منذ أشهر عدة، الأمر الذي مكَّن من إيجاد فرص استثمارية متاحة في السعودية وسوريا، المر الذي أدى وبشكل سريع لعقد الملتقيات الاقتصادية سراً وعلانية، وتُرجم ذلك برفع الميزان التجاري بين البلدين، وكشف المصدر عن لقاءات دورية تُعقَد بين اتحادات الغرف التجارية في البلدين.
ولفت المصدر إلى أن المستثمرين السعوديين دخلوا على الخط بقوة، عبر شراء أو استئجار الأراضي السورية الخصبة، خاصة تلك الواقعة في ريف دمشق وغوطتها، وإنشاء المشاريع الزراعية الضخمة التي وفَّرت فرص عمل كبيرة للسوريين ما مكَّنهم من مواجهة أزماتهم الاقتصادية نتيجة العقوبات.
ورأى المصدر في حديثه لـ LebanonOn أن المملكة فتحت أبوابها أيضاً لآلاف المستثمرين السوريين، في تحدٍ واضح لرغبات الولايات المتحدة الساعية إلى ضرب العلاقات العربية - العربية، عبر إقرار قوانين معاقبة سوريا والذي كان آخرها إصدار ما اسمته واشنطن قانون "تجريم التطبيع مع نظام الأسد"، ولذي لم تُعره الدول أهمية.
سياسياً قال المصدر المطلع إنَّ دمشق تعوّل على جهود الرياض وقدرتها على جمع السوريين حول طاولة حوار وطني على غرار اجتماع اللبنانيين في الطائف والذي أدى إلى إنهاء حرب العام 1975 الدموية في بينهم.
يأتي ذلك بطلب سوري نقله وزير خارجية دمشق فيصل المقداد إلى نظيره السعودي فيصل بن فرحان خلال الزيارات المتبادلة بين الطرفين غلى الرياض ودمشق، ولم تمانع السعودية في ذلك، ولفت المصدر إلى أن العمل جارٍ لتحقيق ذلك.
ويختم المصدر حديثه بالتأكيد على الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، بما يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها وهويتها العربية وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى الرؤية السعودية المتمثلة بحل الصعوبات الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية، هذا فضلاً عن أهمية تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب الممنوعات والاتجار بها، ودعم مؤسسات الدولة، لبسط سيطرتها على أراضيها لإنهاء تواجد المجموعات المسلحة فيها، وإنهاء التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري، واستئناف دور دمشق الطبيعي في الوطن العربي.