ميسا جبولي - LebanonOn
تتسارع وتيرة الأحداث في الولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بفلسطين، لتجد الإدارة الأميركية نفسها محاصرة بقضية شغلت دوائر القرار في البيت الأبيض والخارجية، وتتمثل باعتصام طلاب الجامعات في الولايات الممتحدة بداية من جامعة كولومبيا لتتمدد نحو جامعات في ولايات أخرى.
وشكلت هذه المظاهرات مادة دسمة في السجال الداخلي الأميركي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وعلى مستوى تل أبيب حين دعا عدد من وزراء حكومة بنيامين نتنياهو الى تجريم هذه المظاهرات واعتبارها معادية للسامية.
حول هذه القضية، قال رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية الدكتور خالد زين الدين في حديث لموقع LebanonOn "إن ما يحصل اليوم في الشارع الأميركي والجامعات الأميركية له عدة عوامل، فمع اقتراب الانتخابات الأميركية بدأت الاحصاءات في الولايات المتحدة تقول بإن الرأي العام الأميركي يفضل ترامب على خصمه بايدن".
وأضاف: "رغم أن ترامب سيفوز بالانتخابات الأميركية القادمة هذا لا يعني أن ترامب سيكون الأب الحنون لفلسطين وسيقوم بإنشاء دولة فلسطين وعاصمتها القدس فهو من أعطى القدس لاسرائيل وهو من اعطى الجولان أيضا للاسرائيليين ووقع على ذلك". وبحسب زين الدين "السياسية الخارجية الأميركية لا تتغير مع تغير الرئاسة، فهذه السياسة تبنى على المصالح والتفاهمات والأمن القومي والاقتصاد الأميركي".
ولم يستبعد زين الدين في حديثه أن "ما يحصل اليوم في الجامعات الأميركية مُدبَّر من قبل المجتمع الداخلي للضغط على الرئيس الأميركي الحالي لدعم غزة أم لوضع حد للنتائج الكارثية من الدخول على رفح وممكن أن يكون لعبة داخلية من اللوبي اليهودي لابعاد الاعلام عما حصل أو ما سيحصل في غزة".
وتابع: "منذ أيام ونحن نرى الاعلام العالمي يبتعد عن تناول قضية غزة، كما كان يحصل في بداية الحرب، حيث كان الاعلام برمته موجهاً للتغطية، أما اليوم أصبح هذا المكون هامشي وهذا ما نتخوف منه أن يكون هناك أياد خفية من المجتمع الاميركي الداخلي تعمل على الترويج للصراع الإيراني - الإسرائيلي والردود المتبادلة لابعاد الاعلام عما يحصل في غزة حيث كان هناك أكبر مجزرة بحق الأجنَّة".
وتخوف زين الدين من "أن يتم اشعال عدة جبهات من بينها الداخل الأميركي لتوجيه عدة رسائل للعالم للقول بإن واشنطن ديمقراطية، على أبواب الانتخابات الرئاسية، بالإضافة الى أنه ربما قد يكون أحد أهداف هذه المظاهرات إبعاد الإعلام عن قضية فلسطين خاصة مع اقتراب عملية
رفح التي ستكون الأقسى والأعمق".
ونوّه زين الدين بأن ما يحصل "ممكن أيضاً أن يكون رسالة روسية للداخل الأميركي بأنهم يستطيعون تحريك الداخل الأميركي لدعم ترامب الذي يملك علاقة قوية مع الروس، فواشنطن في السابق اتهمت موسكو بالتدخل في الانتخابات، هذا من دون إغفال إمكانية الخلاف بالكونغرس الأميركي بين الجمهوريين والديمقراطيين، فكل طرف يسعى لجذب الناخبين إليه.
كل هذه الأسباب واردة هكذا يقول زين الدين، ولكن بحسب تعبيره فإن السبب الأكبر لذلك هو "تضليل الاعلام عن القضية المهمة وهي فلسطين".
وعن دور ترامب، قال زين الدين: "ترامب يحاول أن يلعب على عواطف الناخبين المسلمين حيث يحاول أن يقول لهم نحن دولة ديمقراطية واذا بقي بايدن وحزبه بسياسة الدعم المطلق سنذهب الى حرب أهلية ولكن ترامب هو جزء من ايباك ومصالحه مع اليهود كبيرة، وإن وصل الى الرئاسة سيكون أسوأ من بايدن، مع التشديد على أهمية إسقاطه بأي ثمن ومن ضمنها أزمة الجامعات لإجباره على التراجع، لأن الجميع يعرفون أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض يعني أن أوكرانيا ستغدو روسية، بالإضافة إلى معالجة مشاكل آسيا الوسطى، على حساب الأمن القومي الأوروبي، فضلاً عن رؤيته للحل الفلسطيني الذي لن يكون إلَّاعلى حساب الفلسطينيين وسوريا والأردن والعراق وكل الشعب العربي، ونبَّه زين الدين إلى أن "الاتحاد الأوروبي اليوم يعمل على منع عودة السوري من لبنان الى بلده ويشجعه على البقاء لأن جزءاً من الفلسطينيين سيُرسلون الى سوريا لجعلها وطناً لهم".
وعن موقف البنتاغون الذي كشف عن انطلاق الأعمال في ميناء غزة والجيش الاسرائيلي هو من سيقوم بحمايته، قال زين الدين إن "هذا الميناء لمواجهة قاعدة طرطوس البحرية الروسية، وليتمكن الأميركي من وضع يده على نفط الشرق الأوسط ليكون المتحكم الرئيسي بالأوروبيين، الذين يعجزون عن شراء الغاز الروسي، وهم بأمسّ الحاجة لغاز الشرق الأوسط التي تسيطر عليه اسرائيل، وهنا يقول الأميركي للعالم إنه لم يخرج من الشرق الأوسط وإنه باق هنا وسيسطر أكثر على المقدرات والممرات المائية والثروات الطبيعية، ويتوجه للأوربيين بالقول إن كل من سيفكر بمعاداة إسرائيل أو إدانة جرائمها سيُحرم من الغاز، خاصة وأن الأميركي قرر نزع المخالب الأوروبية، عبر إفساح المجال للروسي للتوغل في أفريقيا التي تعتبر حديقة خلفية للفرنسيين، وإرضاء واشنطن لبكين فوزيرة الخزانة الأميركية زارت الصين في سعي للمفاوضة حول ديون لها على أميركا تقدر بـ 3 تريليون دولار، وسبق ذلك تصريح لوزير خارجية واشنطن أنتوني بلينكن الذي لاطف الصين حينما أكد أن بلاده لا تهدف لتعطيل تنمية الصين وأنها تسعى لاستقرار دائم في المحيطين الهندي والهادىء.
وفيما يتعلق بمسارعة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للطلب من الاتحاد الأوروبي الاستحصال على قرض من بروكسل بغية اعادة تسليح أوروبا، أكد زين الدين أن الأمر طبيعي في ظل شعور أوروبا بتخلي الولايات المتحدة الأميركية عنها خاصة من الناحية الاستراتيجية، فواشنطن تفضل عدم التصادم مع موسكو أو بكين على إرضاء حلفائها في أوروبا الغربية.
وكشف زين الدين عن أن الرئيس الفرنسي أدرك وبشكل متأخر أن الادارة الأميركية لا يهمها بقاء دور بلاده في أفريقيا، وهو ما ترجم بإحلال قوات روسية في معاقل كانت تعتبرها فرنسا أساسية بالنسبة لها في القارة السمراء الذي قال عنها جاك شيراك يوماً "إن فرنسا ستكون دولة عادية لحظة تخليها أو إخراجها من أفريقيا".