عزت ابو علي – LebanonOn
عادت أزمة النزوح السوري في لبنان إلى الواجهة من جديد، وهي القضية التي تُعتبر الأخطر في عمر لبنان وتتفوَّق بأسبابها ونتائجها على تداعيات الحرب الأهلية المُدمِّرة التي تقاتل اللبنانيون فيها على مدى 15 عاماً.
فلا يكاد يمر نهار واحد إلَّا ونسمع عن خبر قتل لبناني أو سرقة أو مشاكل متنقِّلة هنا وهناك على امتداد الجغرافيا اللبنانية ويقف خلف هذه الجرائم النازحون.
مصدر قانوني كشف في حديث لـ LebanonOn عن أن السوريين باتوا يشكلون ما نسبته 80 إلى 85 بالمئة من الموقوفين في السجون اللبنانية وهم يكلِّفون الخزينة اللبنانية المُرهَقة أساساً حوالي الـ 50 مليون دولار سنوياً، تُضاف إلى عشرات المليارات من الدولارات والتي تُسجَّل كخسائر مباشرة وغير مباشرة جرَّاء النزوح الذي لاحت أولى بوادره في العام 2011 يوم بدأت الحرب الأهلية في سوريا.
ونظراً لخطورة الموقف أصدرت وزارة الداخلية والبلديات تعاميم إلى البلديات بضرورة تطبيق القوانين المُتعلِّقة بالسوريين القاطنين ضمن النطاق البلدي، واستتبع المحافظون قرارات الداخلية بتعاميم إلى البلديات بضرورة التشدّد في تطبيق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء فيما يخص إقامة الأجنبي على الأراضي اللبنانية.
موقع LebanonOn استطلع الإجراءات التي تقوم بها بعض البلديات في عدد من المناطق اللبنانية، حيث أكد الجميع التزامهم التَّام بتعاميم وزارة الداخلية والمُحافظين، وإرسالهم بشكل دوري للَّوائح الخاصة بالنازحين السوريين الذين يقطنون ضمن نطاقهم البلدي.
وأكَّد المُستطلعون أنَّ تطبيق القرارات يعود للأجهزة الأمنية والقضائية بناءً على لوائحهم، دون إغفال دورهم في الإجراءات وكل بحسب إمكانياته المُتاحة.
ولا يُخفي المعنيون مخاوفهم من تأثير هذه الأزمة على مجتمعاتهم، خاصة في ظل الاحتقان بين اللبنانيين والسوريين، ويرون أن هذه الأزمة أكبر من قدرات البلديات على حلِّها بشكل منفرد، وهي بحاجة إلى ورشة وطنية تُطلقها الحكومة لحلِّ هذه المعضلة الخطيرة بحسب تعبيرهم.
وبالإضافة إلى البلديات استطلع موقع LebanonOn آراء العديد من اللبنانيين بشأن قضية النزوح، وأجمعوا على خطورة هذه القضية وتأثيرها السلبي على حياتهم على الصعيد الأمني والاقتصادي والديمغرافي، لكنهم رفضوا نهج التعميم الذي يتبعه البعض على السوريين على قاعدة "أنَّ كل نازح مجرم"، ودعوا للمسارعة بإيجاد حلول لهذه المشكلة قبل أن تنزلق الأوضاع إلى أمور لا تُحمد عقباها.
ومما كان لافتاً إجماع آراء المواطنين على أن بلدياتهم تقوم بما عليها، لكنهم وجَّهوا أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى الجمعيات الكائنة في مناطقهم والتي بحسب تعبيرهم تعمل ليل نهار للاستفادة المادية المباشرة على حسابهم وحساب السوريين على حدٍّ سواء، دون مراعاتها لأبسط قواعد العدالة في تقديم المساعدات، حيث أكدوا لـ LebanonOn أنَّ الأولوية دائماً للنازح السوري لناحية التقديمات وتعزو الجمعيات أسبابها في ذلك إلى شروط الجهات الخارجية المانحة.
واتهم المواطنون هذه الجمعيات بمخالفة التعاميم التي تفرض عليها اعتماد المناصفة بين اللبناني وغير اللبناني في تقديم المساعدات، واتباع الجمعيات سياسة المراوغة حيث تُظهِر إعلامياً اهتماماً باللبنانيين فيما الحقيقة أن السوري هو المُستفيد الأكبر من التقديمات، ومن هنا أطلقوا السؤال المشروع "كيف لِمن يتلقى سلال الغذاء والرعاية الصحية والمساعدات المادية وبدلات السكن والتعليم والتدفئة أن يعود إلى بلاده ويفقد كل هذه المزايا؟".
ودعا المُستطلعون الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية إلى التشدّد بمراقبة عمل هذه الجمعيات ومصادر تمويلها واتهموها بالتأثير السلبي على الأمن القومي اللبناني، فأولوية هذه الجمعيات باتت جمع الأموال دون مراعاتها لأبسط قواعد احترام القانون اللبناني والتعاميم الأمنية، ورأوا أنَّ الأمر بسيط فكل جمعية مخالفة إِن لم تكن جميعها تُلغى قرارات العلم الخبر لها وتُقفل من قبل وزارة الداخلية، وبذلك تنتفي الأسباب التي تُشجع النازح على البقاء، خاصة وأنَّهم وبحسب روايات عدة باتوا يرفضون العمل أو يطلبون مبالغ مالية كبيرة مقابل العمل نظراً لعدم حاجتهم إليه في ظل تلقيهم المساعدات التي لا حدود لها.