ميسا جبولي - LebanonOn

فيما تشتعل الحرب في غزة، لم يبق لا أخضر فيها ولا يابس، ولم يبق فيها العدو الاسرائيلي حجر على حجر، تشهد سوريا بعد 11 عاما من حرب مدمرة أيضا "حربا صامتة" منذ 7 أكتوبر حتى اليوم. رغم تتالي الضربات الاسرائيلية الموجعة على سوريا، لا يزال الرئيس السوري بشار الأسد في حالة صمت عسكري. ورغم البيانات السورية وبعضا من التصريحات المنددة بالضربات الاسرائيلية، إلا أن البعض يرى أن غزة وسوريا يشربان من نفس الكأس، فيما "بشار الأسد صامت كصمت القبور".
في المقابل، يعتبر آخرون أن "سوريا كانت ولا تزال قوة مساندة وقلبا نابضا لمحور المقاومة، خاصة باعتبارها ممرّا لأسلحة الحزب ومركزا لتخزين ذخائره وصواريخه".
أما اليوم، ومع تزايد جنون نتنياهو، خاصة بعد الهجوم على القنصلية الايرانية في دمشق، تعالت الأصوات المنددة بهذه الضربة، وانهالت التهديدات "برد قاس في الزمان والمكان المناسبين". ولكن، بعد هذه الضربة، هل ستتغير المعادلة وتدخل سوريا على خط الحرب من غزة إلى لبنان فدمشق؟

في هذا السياق، أوضح الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان أن "موقف سوريا من ضرب السفارة الايرانية على أراضيها كان واضحا وصارما، أكثر من بيان صدر عن وزير الخارجية السورية الذي اعتبر أن هذا الاعتداء هو اعتداء ليس فقط على قنصلية تابعة لدولة ذات سيادة لا بل هو اعتداء أيضا على الأراضي السورية".

وقال شومان في حديث خاص عبر موقع LebanonOn: "أتصور أن طريقة تعامل السوري مع العدوان الاسرائيلي متعددة الأوجه، فالوجه الأول يتوجب عليه بحضانة سوريا لحركة المقاومة وإلا لم تكن تتعرض لمثل هذه الاعتداءات التي تهدف الى فك التحالف بين سوريا وحركة المقاومة، بينما سوريا تعتبر نفسها أنها أحدى الأعمدة الفقرية للمقاومة وذلك من خلال الاستهدافات والعمليات العدوانية التي تتعرض لها وهي جزء من الأثمان التي تدفعها ولم يكن هناك مبرر لاسرائيل بضرب سوريا لو لم ترع وتحتضن حركة المقاومة".

وردا عما إذا كان صمت الاسد منذ 7 أكتوبر هو إشارة لانطلاقة خروجه من محور المقاومة، قال شومان: "صحيح أن الخارجية السورية كسياسة خارجية في دمشق تعمل على الانفتاح على العالم العربي، وعلى تطبيع العلاقات مع العالم العربي، وذلك بأكثر من مكان إن كان بالعلاقة المستجدة مع دولة الامارت أو من خلال حضور الرئيس الأسد في مؤتمر القمة العربية في جدة في العام الماضي ولكن في الوقت نفسه، هذا التطبيع لا أعتقد انه سوف يتجه نحو تخفيف منسوب العلاقة مع ايران".

وعن توقيت دخول سوريا على خط الحرب، رأى شومان أنه "في حال وقعت الحرب الشاملة أعتقد ان سوريا سوف تكون في صلب هذه الحرب وفي قلبها وقد أجزم بهذا الموضوع لأن أي حرب مفتوحة أو شاملة قد تشهدها الجبهة اللبنانية، وبالقراءة الاستراتيجية قد تعتبر سوريا مستهدفة كنظام وكدولة وجيش وفي حال فتحت هذه الحرب على شموليتها أظن أن السوريين سيكونون في صلب هذه الحرب وعلى أية حال هذه القراءة التي أقدمها مستندة الى تحالف عضوي بين الدولة السورية والمقاومة في لبنان وبالتالي استهداف المقاومة في لبنان على طريقها قد يكون أكثر حدة وأكثر سخونة مما كانت عليه في العام 2006، ولا شك أن السوريين معنيون بهذه الحرب ويعتبرون أن الانخراط في هذه الحرب هو دفاعا عن أنفسهم وبالتالي دفاعا عن الدولة السورية، لذلك، هذا الأمر محسوم طبعا".

في المقابل، وتعليقا على الاحتجاجات التي تشهدها الساحة الأردنية دعما لغزة، وإن كان هذا الغضب الشعبي سينعكس على العلاقة بين الأردن واسرائيل ويشكل ضغطا عليها، أشار شومان إلى انه "كلما استمرت الحرب على قطاع غزة، سوف يكون الأردن بطبيعة الحال من أول الدول العربية تأثرا بما يجري، لأسباب متعددة منها النسبة العالية من الفلسطينين المتواجدين في الاردن، بالاضافة الى الحضور القوي للحركة الاسلامية في الأردن والتي لها علاقة وثيقة مع حركة حماس لأنها تنتمي لنفس الجذور الواحدة، بالإضافة الى العديد من الأحزاب الوطنية اليسارية كانت ام القومية وبالتالي نراهم في التظاهرات والأعمال اليومية التي تشهدها معظم المدن الأردنية وعلى رأسها عمان". وتابع: "نعم ولا شك أن استمرار العدوان سيعبر عن نفسه بالمواقف العملية على الأرض من قبل العديد من القوى السياسية في الأردن ولكن السؤال الأبرز هو أنه الى أين يمكن أن تذهب هذه المواقف والتظاهرات؟ أنا لا اعتقد أن هذه الامور قد تذهب الى نوع من الصراع بين المتظاهرين والدولة الأردنية".