عزت ابو علي - LebanonOn
بات خبر استهداف العدو الإسرائيلي لإيران وحلفائها في سوريا خبراً عادياً، خاصة وأن تل أبيب لم توفّر فرصة إلا وتشنّ هجمات زادت وتيرتها مع انطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول من العام الماضي.
لم يكن الرد متناسباً وحجم العدوان الإسرائيلي وهو ما دفع تل أبيب إلى التمادي باعتداءاتها، لكن الاستهداف الأخير أثبت بما لا يترك مجالاً للشك برغبة تل أبيب بتجاوز كل الخطوط الحُمر مع طهران.
مقر ديبلوماسي يضم اجتماعاً لقادة إيرانيين على مستوى عالٍ من الأهمية على رأسهم مسؤول ملف لبنان وسوريا في فيلق القدس التابع للحرس الثوري و 6 من معاونيه لقوا حتفهم في الهجوم، الذي يُعد الأكثر إيلاماً لطهران أكان لناحية المكان المستهدف والأشخاص.
طرح الأمر تساؤلات عديدة حول قدرة إيران على حماية قياداتها في سوريا بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على البعثة الديبلوماسية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، ويبدو أن إجراءات الحماية الأخيرة المتمثلة بالإنذار الروسي قبل الضربة وإداخال القيادات إلى مراكز المؤسسات الدبلوماسية لم ينفع القيادات المستهدفة ولم يرسم لإسرائيل خطاً أحمر فاستهداف المقار الديبلوماسية يعني ضرب الأراضي الإيرانية بحسب الأعراف الدولية.
تدرك إسرائيل جيداً العلاقة الوثيقة بين إيران وحزب الله لذا سعت عبر الضربة لعزل الحزب عن مركز ثقله الاستراتيجي أي الدعم الإيراني، على أعتاب تحول مهم في جبهة رفح، حيث يسعى العدو للاستفراد بالملف الفلسطيني عبر إضعاف قدرة حزب الله على التدخل بتسخين الجبهة اللبنانية لمنع الإسرائيلي من الاستفادة من القوة والطاقة البشرية المتواجدة في الشمال، لذا أتت ضربة القنصلية في هذا السياق، وضرب الأماكن الديبلوماسية يعني أن الإعتداء أصبح على إيران بالمباشر وليس سوريا.
كانت إيران في السابق ترد على الإعتداءات عبر عمل أمني لتصغير الحسابات وعادة خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة كون الضربات خارج الأراضي الإيرانية، لكن هذه المرة لا يكفي رد حزب الله على هذه الضربة لعدة أسباب:
1- رد حزب الله يعني تسليم الحزب بفصله عن مركز ثقله الاستراتيجي أي الإيراني.
2- تضع سمعة القدرات الإيرانية على المحك مما قد يجعل أي عدو يطمع بها.
3- تتطلب فرض قواعد اشتباك تخص الأراضي السورية لا يُعتمد بها على الحليف الروسي.
أمام هذه المعطيات لا بدَّ أن يكون الرد الإيراني في الداخل الفلسطيني لإعادة الردع وتفويت الفرصة على المخطط الإسرائيلي بالإستفراد بوحدة الساحات، بمعنى تصفية كل ساحة بمعزل عن الأخرى.
لكن الردّ ليس بهذه السهولة، طهران تدرك أن اللعب بالنار سيفتح أبواب جهنم عليها فواشنطن نشرت أساطيلها في الشرق الأوسط منذ عملية طوفان الأقصى وهي فهمت الرسالة عبر إعلانها الدائم عدم رغبتها بتمدد هذه الحرب، فيما الحلفاء يعيشون صعوبات داخلية بإسنادها بشكل مباشر وكثيف في ظل الجدل اللبناني حول ماهية الحرب وضغط حكومة بغداد على الفصائل الموالية لطهران، فيما الحوثي في اليمن لن يستطيع تقديم أكثر مما يقوم به اليوم أمَّا سوريا فوضعها الصعب يمنعها من فتح أي جبهة أخرى، هذا يأتي مُضافاً إلى المفاوضات التي تسعى من خلالها إيران لتحصيل مكاسب من الولايات المتحدة، لكن ذلك يعني بحسب المراقبين أن الأمور لن تسير لصالح إيران وحلفائها، وربما تقول إيران يوماً بعد ضعف جبهتها المتقدمة في غزة أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض، فهل مات المحور عندما ترك غزة في السابع من أكتوبر تقاتل وحيدة ليُدفن برمته تحت أنقاض مقر البعثة الديبلوماسية في دمشق؟!.