عزت ابو علي - LebanonOn
في غمرة نشوته بعد فوزه بإنتخابات الرئاسة بنسبة غير مسبوقة تلقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضربة قوية في قلب عاصمة بلاده موسكو مع بداية عهده الجديد، حيث هاجم مسلحون مركز تسوق وقاعة للحفلات الموسيقية مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات.
لم يمر الخبر مرور الكرام فالصراعات الدولية في أوجها، وتبني تنظيم داعش الإرهابي للعملية بحسب رئيس الجريدة الأوروبية العربية الدولية الدكتور خالد زين الدين ما هو إلَّا محاولة دولية لتجهيل الفاعل الحقيقي.
سبق الهجوم نداءات وتحذيرات صادرة عن سفارتي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لمواطنيهما في 7 آذار بعدم زيارة مراكز التسوق في موسكو، وهو ما يشير بحسب زين الدين إلى أن أجهزة المخابرات لديهما معلومات وإشارات عن الهجوم الذي كان مخططاً له في وقت سابق.
ويرى زين الدين أن الهجوم يهدف لجعل بوتين يستشرس ويضرب العاصمة الأوكرانية كييف من دون رحمة، ليجد الغرب حجة لزيادة دعمه لأوكرانيا، خاصة فرنسا التي لم تخبئ نواياها لإطالة أمد هذه الحرب وتوسيعها أيضاً.
وحول تبني تنظيم داعش الإرهابي للعملية يتساءل زين الدين عن الجهة التي أوصلت هؤلاء إلى موسكو ودعمتهم ومن إختار لهم الزمان والمكان، بُعيد التحذيرات الغربية للرعايا بالإبتعاد عن المراكز التجارية في موسكو.
يستبعد زين الدين أن تكون إدلب السورية المنطلق للجهة المنفِّذة، فهي تقع تحت سيطرة تركيا التي لا تريد إغضاب الروسي والتورط في حرب معه، لكنه يُشير إلى إمكانية التورط الفرنسي، الذي لو ثبت لروسيا فسيفتح ناراً في أوروبا لا يمكن إخمادها.
لكن لماذا فرنسا؟ يؤكد زين الدين أن باريس تريد توريط الغرب بحرب بعد فشل مشاريعها بإرسال جيوش إلى أوكرانيا لوقف المد الروسي، لكن موسكو لن ترحم باريس في حال ثبت وقوفها خلف العملية وبالإمكان توجيه ضربة لها، فما من شيء يمنع بوتين من ذلك لأن واشنطن ستتنصل من دعم باريس والناتو لن يُقدِم على شيء فهو على حد تعبير زين الدين مشروع أميركي بالدرجة الأولى ويُحرك وفقاً للسياسة الأميركية ومخططاتها ومعظم تحركاته هي شرق أوسطية ولن تتجرأ أميركا على تحريكه في وجه الروسي وخاصة في هذه المرحلة الخطيرة والتي تشهد صعوداً صينياً مُرعباً لأميركا وحلفائها، فلذلك الناتو هو مشروع استثماري وفقاً لرؤية أميركا ومشاريعها، والدليل على ذلك عدم ذهابه إلى أوكرانيا وأيضاً تجميد المساعدات الأميركية لأوكرانيا منذ فترة طويلة، وهو عاجز عن مواجهة روسيا الأقوى نووياً وترتبط بتحالف وثيق مع الصين وايران، ويُدعِّم زين الدين استنتاجاته هذه بمسارعة كل دول الغرب بسرعة لإدانة الهجوم والتنصل منه لأن اللعب مع بوتين خط أحمر.
لا يستبعد زين الدين أيضاً تورط المعارضة الروسية وتواطئها مع أعداء روسيا والمساعدة قي تنفيذ العملية في موسكو لتوريط فلاديمير بوتين بحرب شاملة مع الغرب، ولكنه أكد أن الرئيس الروسي لن يتهور بردة فعل غير مدروسة لأن بوتين بالأصل من المدرسة العسكرية الاستخباراتية والذي عمل في الغرب ويفهم عقليتهم وتفكيرهم وإيديولوجيتهم ويعلم كيف يرد عليهم وكيف يوجه ضربات قاسية لهم، هذا بالإضافة إلى احتمالية أن تكون عملية موسكو تهدف في إحدى جوانبها لإلهاء الإعلام الغربي والرأي العام الأوروبي لإبعادهم عن المتابعة اليومية لأحداث غزة وضغط الرأي العام الغربي على إسرائيل وإيقاظ العقل الغربي وتذكيره بالإرهاب ليرعبه ويشتت تركيزه عن حرب غزة.
لا شك أن الهدف الغربي يتمثل بإبعاد روسيا عن الشرق الأوسط بشتى السُبل ومنها توتير وضعها الداخلي، حيث يُشدِّد زين الدين على أن الهدف الأول لميناء بايدن في غزة هو القاعدة الروسية في سوريا، لأن الروس في قاعدة حميم يتوسعون باتجاه العراق ولبنان والشرق الأوسط بأسره، ما يُعيد إلى الأذهان دورهم خلال حرب العام 1973 حين منعت صواريخهم المنتشرة في مصر من تحقيق الطيران الإسرائيلي لأهدافه، وسارعت أميركا يومها للتفاوض مع روسيا بغية سحب صواريخها للسماح للطائرات الإسرائيلية التحليق بِحُرِّيَة في أجواء مصر.
لذا يرى زين الدين أنَّ ميناء غزة يعادل مرفأ طرطوس أي سيطرة بوجه سيطرة، فالغرب لا يريد للروسي تحقيق أية نهضة في الشرق الأوسط الأمر الذي سيؤثر على هيمنة أميركا وإسرائيل على المنطقة.
ويلفت زين الدين إلى أن الأمور ممكن أن تسير باتجاه الانفجار، لولادة نظام عالمي جديد، ويرى أن الغرب استفز روسيا وهو ما سيشكل تهديداً اقتصادي وجيوسياسي للقارة الأوروبية، فروسيا بعد عملية موسكو ليست كما قبلها والتموضع الدولي سيكون مختلفاً.
ويربط زين الدين الأحداث كلها بالصراع على الثروات، الروسي مُصر على البقاء في سوريا والأميركي يبني ميناء في غزة، كل ذلك بغية التحكم بخطوط إنتاج وإمدادات الطاقة، لأن من يتحكم بها يُسيطر على العالم، الروسي نجح بربط نفسه باتفاقيات الطاقة مع سوريا والعراق وإيران، لذا يريد الأميركي من خلال ميناء غزة التحكم بخط النفط الذي سيعبر باتجاه أوروبا لضمان سيطرته الدائمة على القارة العجوز وعدم خروجها من بيت الطاعة الأميركي، فهي المتعطشة للطاقة، وواشنطن تضمن ذلك من خلال سفارتها في بيروت التي ستكون بحسب زين الدين مركزاً وقاعدة عسكرية، فيما ميناء غزة فوظيفته أمنية واستخباراتية.