عزت ابو علي - LebanonOn
شكَّلت الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في لبنان أواخر العام 2019، ضربة قاسمة للخدمات الصحية التي يسعى إليها المواطن، فباتت أسعار الدواء خيالية مقارنة بما كانت عليه، لكن الطامة الكبرى كانت بتأخر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بإقرار قوانين سريعة تحفظ حق المضمون بالاستحصال على أدويته بسعرها الحقيقي.
ومع ذلك بات المواطن ضحية انهيار سعر الصرف وبيروقراطية الضمان كما سائر المؤسسات العامة، فمن يملك المال بات يحصل على الدواء أمَّا الفقير فلا طريق أمامه سوى المقبرة.
بعد سنين عجاف وبحسب أحد المصادر في الضمان خلال حديث لـ LebanonOn فإن المؤسسة وضعت المواطن أمام خياريين، إمَّا أخذه لدواء "البرند" ويسترد من قيمته 20% فقط، أو استحصاله على دواء "الجنريك" الذي يدعم الضمان المواطن بنحو 70% من سعره.
لكن المستغرب أنَّه وعلى الرغم من تعديل بعض أسعار الأدوية فإن المواطن لا يزال يجهلها، فعلى عاتق من تقع المسؤولية؟
لا شكَّ أن الأمر يقع على عاتق الضمان الاجتماعي وهذا ما يقر به المصدر الذي طلب من المواطنين مراجعة مراكز الضمان للتأكد من الأدوية المشمولة بقرارات الزيادة، ولكن ولدى سؤال أي مواطن عن الموضوع ينتابه شعور من القلق بمجرد تذكره لساعات الانتظار الطويلة للحصول على جواب في غالب الأحيان لا يكون شافياً حيث يُصدم المواطن أنه وبعد تقديم الفواتير يتم شطب أدوية على اعتبار أنها لا تدخل في اللوائح، بالإضافة إلى الانتظار لأشهر طويلة لاسترداد المبالغ المغطاة من قبل الضمان الاجتماعي.
ووسط تعطّل الحلول من قبل المؤسسات العامة نتيجة ما تمر به، سأل موقع LebanonOn نائب نقيب صيادلة لبنان الدكتور عبد الرحمن مرقباوي عن آلية للتسهيل على المواطن والتخفيف من أعبائه، من قبيل تقاضي الصيدلية فرق الضمان من المريض على أن تُحصل المبلغ المستحق لها من الضمان وبآليات وشروط صارمة وبرنامج عمل متكامل بين الأطباء والصيادلة والضمان الاجتماعي منعاً لأية التباسات.
يقول مرقباوي إن معالجة هذه الآليات تقع على عاتق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يستطيع بكل بساطة الدفع الفوري للمواطن، فالصيدليات مهما بلغت قوتها لن تستطيع الصمود لأكثر من شهرين في حال طُبقت هذه الآلية مع الضمان، فالجميع بحسب مرقباوي يعلم ما حصل للمستشفيات التي علقت أموالها ما بين 3 إلى 4 سنوات مع الضمان، وبالتالي فإنَّ الصيدلية تدفع نقداً للتاجر وهي مضطرة لتقاضي ثمن الدواء نقداً من المريض بغية تسديد ما عليها من التزامات.
وحول توفر الأدوية في السوق اللبنانية يُطمئن مرقباوي إلى أن الدواء متوفر بنسبة 90 بالمئة ولا داعي للقلق، فبعد رفع الدعم بات من السهل الحصول على الدواء الذي كان يتعرض للاحتكار.
لكن وعلى الرغم من ذلك يدق مرقباوي ناقوس الخطر حيث يغرق السوق اللبناني بالأدوية المهربة التي لامست نسبة الـ 40% وتباع في المستوصفات غير الشرعية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا يكشف مرقباوي أن نقابة الصيادلة تكافح هذه الظاهرة الخطيرة بالتعاون مع المدعي العام المالي والجهات الأمنية وتقوم بما عليها لجهة معاقبة هؤلاء.
لكن العقاب وحده لا يكفي فكيف ببلد يعاني ما يعانيه أن ينجح بضبط تهريب الأدوية التي تدخل إلى لبنان من كل حدبٍ وصوب؟!، يرى مرقباوي أنه ولحل هذه الأزمة يفترض على الدولة إيجاد الأدوية وبأسعار جيدة، فضلاً عن تفعيل عمل الجهات الضامنة كي لا يذهب الناس نحو الأدوية الأرخص ثمناً والتي في الغالب مهربة، وتضر بالصحة لتتحول إلى جاء لا إلى دواء.
ويطالب مرقباوي الجميع بمن فيهم الأطباء بدعم الأدوية الوطنية، صناعة أو وصفات لأنها تحوز على قيمة عالية من جميع النواحي، ويشدِّد على أهمية أن يثق المريض بطبيبه من خلال التشخيص، وبالصيدلي من خلال وصقة الدواء، فالقانون يقف إلى جانبه باستبداله للدواء بشرط تطابق التركيبة، وحتى الضمان الاجتماعي مجبر على قبول الوصفة ولو اختلفت ما بين الطبيب والصيدلي.