عزت ابو علي – LebanonOn
وُضِعت قضية انتخاب رئيس للجمهورية على نارٍ حامية، داخلياً وخارجياً، بعد مرورها بمرحلة سبات إثر الحرب الدامية في غزة وجنوب لبنان.
يقول الكاتب والمحلل السياسي وجدي العريضي في حديث لـ LebanonOn إنَّ مبادرة كتلة الاعتدال الوطني كما سائر المبادرات والحراك السياسي على الساحة اللبنانية تصطدم بعوائق ومطبات، فثمَّة حالة انقسام بين المكونات الداخلية تؤثر تأثيراً مباشراً على كل الاستحقاقات وفي مقدمتها انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل الخلاف الحاد بين المكونات حول شخصية الرئيس.
ويرى العريضي أن مبادرة الاعتدال الوطني تحظى بإجماع وقبول من اللجنة الخماسية وتحديداً المملكة العربية السعودية حيث التقى سفير المملكة وليد البخاري بأعضاء اللجنة، وكان هناك دعم لها، وهي تحظى أيضاً بدعم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومن خلال جولاتها على الفرقاء السياسيين استنتجت بأنَّ هناك مطالب وضمانات لكل فريق، دون إغفال بأن حزب الله وخلال لقائه بها لم يقم بإعطاء الجواب الشافي، لأن له مطالب واضحة جداً وتحديداً تمسكه بمرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يضمن له سلاحه ودوره المقاوم.
ويُشدِّد العريضي بأنَّه على خط كتلة الاعتدال وما تقوم به والأمر عينه ينسحب على الجنة الخماسية، فإنَّ الجميع بدأ يتحضر للمرحلة المقبلة التي تُعَدُّ بغاية الأهمية، لا سيَّما بعد لقاء السفير السعودي مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والمُفتين خلال إفطار في دارة البخاري، حيث أبدى الأخير تفاؤلاً ورغبة المملكة العربية السعودية اليوم قبل الغد بإنهاء أزمة الشغور الرئاسي وهي لن تتخلى عن لبنان لكنها لن تدخل في لعبة الأسماء، وهو ما ينسحب على كل فرقاء المبادرات.
ويكشف العريضي في حديثه لـ LebanonOn أنَّ المعلومات تُشير إلى رغبة داخلية وخارجية ببعض الأسماء وتحديداً قائد الجيش العماد جوزف عون ومدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري الذي بدأت أسهمه بالارتفاع بعد ضبطه للحدود ودوره الهام على خط الجوازات وقربه من جميع الأطراف، ويقبل به التيار الوطني الحر، على عكس فرنجية الذي يواجه رفضاً من كل الأحزاب المسيحية، في مقابل أنَّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومن خلال الأسماء التي طرحها هو والنائب غسان سكاف، فهي تتمثَّل بالنائب نعمت أفرام الذي له دور وطني وكسرواني مهم جداً ويتمتّع بعلاقات طيبة مع جميع الأطراف، والأمر عينه ينسحب على مرشح آخر وهو الدكتور حبيب الزغبي الرئيس الفخري لجمعية خريجي هارفارد الوسطي وهو من خارج المنظومة السياسية.
ومن هنا يلفت العريضي إلى أنَّ كتلة الاعتدال الوطني لا تزال تقوم بدورها، لكن انتخاب الرئيس بحاجة إلى توافق داخلي وإقليمي وهذا التوافق قد يحصل في أي توقيت خاصة مع هدوء جبهتي غزة وجنوب لبنان، وعندها يُمكن تمرير انتخاب الرئيس، إذ ثمَّة صعوبة بحسب العريضي لغاية اليوم لفصل مسار غزة عن لبنان، ويرى أن الأسابيع المقبلة ستكون في غاية الأهمية من أجل انتخاب الرئيس لأن الشغور الرئاسي يسبب أزمات كثيرة سياسية وأمنية واقتصادية، في ظل قدوم المنطقة برمتها على تسويات تحتاج إلى وجود رئيس للجمهورية في لبنان.
تسويات أطلت برأسها مع زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، لكن عودته مجدداً ترتبط بشروط أسرَّ بها بحسب العريضي لبعض من التقى بهم، وتتمثَّل بِحَمله لمعطيات إيجابية من تل أبيب، لكن المسارات لا تشي بأنَّ الهدنة في غزة والتي تلقائياً تنسحب على جنوب لبنان ستحدث قريباً، في حين أن هوكشتاين لا يزال بحسب العريضي مُصراً على تطبيق كامل للقرار الدولي رقم 1701 وانسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني، ودون ذلك ليست هناك من أية خطط أخرى.
ومن خلال المعطيات يؤكد العريضي في حديثه لـ LebanonOn بأن هوكشتاين وفرنسا يُطَالِبَان بإرسال كتيبة من الجيش اللبناني إلى الجنوب وتقوم واشنطن وباريس بدعمها على جميع الصُعد المالية والتسليح، والأمر عينه عبر تعزيز قوات اليونيفيل بأعداد كبيرة من أجل أن تنتشر على الجانب الآخر من الحدود مع فلسطين المحتلة، وعندها بحسب العريضي يسود الأمن والاستقرار بعد انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني، لكن ذلك دونه معوقات وصعوبات فالمسائل كلها مرتبطة بحرب غزة، وهناك علاقة وطيدة بين حزب الله وحماس ولا يُمكن فصل هذه الجبهة عن تلك، ما يعني أنَّ الأمور مُعَقَّدَة، ولغاية اليوم لا شيء يدل على أن الخطة جاهزة أو ثّمَّةَ مؤشرات إيجابية في هذا الإطار.