عزت ابو علي – LebanonOn
إذا أردنا أن نعرف مستقبل أمة ومدى تقدّمها وتحضّرها لا بد لنا أن نرى أحوال المعلم فيها.
ليست هذه المقولة الوحيدة للفلاسفة الذين تغنوا بالمعلم كما الشعراء وسائر البشر.
في يومهم العالمي استطلع موقع LebanonOn أحوال المعلم في لبنان، فهو كغيره من المواطنين أُصيب جراء الأزمة الاقتصادية المُرهقة في مقتل.
قصص معاناة عديدة رواها معلمون لـ LebanonOn لكنها تحتاج إلى مجلدات لتوثيقها، لكن سنذكر البعض منها لمعرفة أحوال من يقع على عاتقهم تخريج الأجيال.
لا يختلف الحال كثيراً بين المعلمين سواء كانوا في التعليم الرسمي أو الخاص، فالمعاناة واحدة وفقر الحال سيد الموقف.
روى لموقعنا معلم في التعليم الثانوي الرسمي قساوة الحياة عليه، حيث قال قبل العام 2019 كان راتبه جيد إلى حدٍ ما، وكان يعتمد للكفاية على الدروس الخصوصية لطلاب في المنازل، لكن ومع الأزمة الاقتصادية وانهيار سعر الصرف بات راتبه لا يكفي للانتقال إلى مكان عمله الذي وصفه بـ "المقدس"، لم يخسر هذا المعلم فقط قيمة راتبه، بل، طلاب الدروس الخصوصية فأولياء الأمور عجزوا عن تغطية تلك المصاريف، وفي ظل انسداد الأُفق وحاجته لزيادة مدخوله لتغطية مصاريف أسرته، اضطر للجوء إلى جمع الخردة في أوقات فراغه لبيعها، بغية تغطية تكاليف المعيشة المرتفعة.
ترافق الغصة الدائمة حديث هذا المعلم لـ LebanonOn، خاصة حينما كان يلتقي صدفة بطلابه أثناء جمعه للخردة، ولا يرى في أي عمل عيباً، بل، يأسف للحال الذي وصل إليه المعلم الذي يقع على عاتقه تأسيس الأجيال التي ستقود الأوطان.
معلمٌ آخر لا تختلف قصته كثيراً عن زميله السابق، اضطر هذا المعلم للجوء إلى ترك منزله بعد عجزه عن تسديد ثمن الإيجار، وانتقل للعيش مع أسرته إلى منزل ذويه الذين هم على عاتقه أيضاً، حيث اضطر إلى فتح دكان صغير لبيع المواد الغذائية بغية مواجهة مصاعب الحياة، اكتفى هذا المعلم للتعبير عن حالته بعبارة "ألا يخجل من أوصلنا إلى هذه الحال من نفسه؟!".
وعند رابية في إحدى القرى الجبلية يقف أحد كبار السن بين عدة رؤوس من الماشية لرعيها، هذا الشخص هو معلم متقاعد يبلغ من العمر 70 عاماً، روى لنا معاناته فراتبه التقاعدي لا يتعدى الـ 250 دولاراً أميركياً، يقول إنه لا يكفي لتسديد الفواتير المرهقة، وهو لجأ لشراء بعض رؤوس الماشية من مدخرات سابقة لتربيتها بغية بيعها وزيادة مدخوله لتأمين المأكل والمشرب وثمن الأدوية، ويختم هذا المعلم قصته بالقول "أليس من الظلم أن اضطر في خريف العمر للبحث عن مصدر رزق، بعد أن كنت أتوقع أن أستريح بعد 40 عاماً من تربية الأجيال، للأسف خابت الظنون".
في كل حكاية معاناة ومآسٍ لا تعد ولا تحصى، فكيف لبلاد أن تنهض في ظل الحال المريرة لمعلميها؟ ألا يستدعي كل ذلك المسارعة لحل القضية؟ وهل يدري من يعتلي سدة المسؤولية بهذه المعاناة؟ وهل سأل عن نسبة من هجر لبنان من المعلمين؟ الأمر يحتاج إلى ورشة عمل متكاملة قبل أن يقول الجميع "لقد فات الأوان".