عزت ابو علي - LebanonOn
تُعَدُّ الجامعة اللبنانية الجامعة الرسمية الوحيدة في لبنان، وهي الصرح الأخير الذي يفتح أبوابه لفقراء لبنان لنيلهم الشهادات العليا، ورفد سوق العمل بالكفاءات اللازمة.
ووسط السياسة السائدة في لبنان، لا يكفي الجامعة ما تعانيه على المستويات كافة نتيجة ضعف التمويل، بل بات غالبية الكادر الأكاديمي المؤلف من الأساتذة المتعاقدين في وضع يرثى له.
ويعاني أساتذة التعاقد في الجامعة اللبنانية من أمرين رئيسيين:
الأول يتعلق بتفرغهم، والثاني يرتبط بتعويض العقود الماضية عقد العام الدراسي 2021 - 2022 و 2022 - 2023 التي لم تدفع بعد، بما يتناسب مع الوضع الحالي، وليس دفعها بقيمتها وقت التعاقد، ورفع أجرالساعة وعدم حرمان الأساتذة المتعاقدين مع الجامعة اللبنانية من بدلات الإنتاجية.
يقول الأساتذ المتعاقد الدكتور محمد بارود في حديث لـ LebanonOn إن القانون واضح بالنسبة لمسألة التفرغ والشروط التي يجب أن تتوفَّر بالمتعاقد لكي يتفرغ في الجامعة اللبنانية، من خضوعه للجنه علمية ثم حصوله على نصاب 175 ساعة لعامين متتاليين وتجديد عقده للسنة الثالثة، ثم تصنيف رسالته بالدرجه الأولى من قِبَلِ لجنة تُؤَلَّف لهذا الغرض، ورغم أن القانون يفرض على الجامعة أن يكون 80% من اساتذتها متفرغين و 20% متعاقدين، وهذا أمر طبيعي جداً لكي يتفرغ الأساتذة لدراساتهم وأبحاثهم ومحاضراتهم، وإعطاء ما هو أفضل للطلاب، إلَّا أن الوضع الآن في الجامعة اللبنانية مقلوب راساً على عقب، فالاساتذة المتعاقدين أصبحوا 80% والمتفرغين 20%.
السبب في ذلك هو توقف التفرغ في الجامعة اللبنانية منذ عام 2014، ورغم كل المحاولات لإقرار ملف تفرغ مجدداً، منذ العام 2017 حتى تاريخه، لم يُكتب لملف التفرغ الحياة حتى الآن، وذلك بسبب أنه من المواضيع الشائكة جداً إذ تتدخل الأحزاب السياسية في تفاصيل الجامعة اللبنانية على حد ما يقول بارود لـ LebanonOn، وتحاول الأحزاب فرض إدخال أشخاص من المحسوبين عليهم حتى ولو لم تتوفر فيهم الشروط المطلوبة للتفرغ، بالإضافة إلى بدعة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين التي لم ينص الدستور عليها إلَّا في وظائف الفئة الأولى فقط.
ويندرج المتعاقدون في الجامعة اللبنانية تحت ثلاثه انواع، إذ يبدأ الأستاذ طريقه في الجامعة اللبنانية بالتعاقد عن طريق عقد المصالحة، فيسمون حينها أساتذة بالتعاقد، ويؤكد بارود في حديثه لـ LebanonOn أنَّ هذا العقد يُعَدُّ من العقود المخالفة لأبسط حقوق الانسان ذلك أن الأستاذ المتعاقد يأخذ أجر ساعته فقط، ومرة واحدة كل سنة، من دون أن يحصل على أي نوع من أنواع الضمانات الاجتماعية أو العائلية أو الصحية.
بعد ذلك كما يقرر قانون الجامعة، يجب أن يتفرغ أساتذة التعاقد بمرسوم من مجلس الوزراء، وهنا يصبح الأساتذ متعاقد بالتفرغ، وبالتالي يصبح عقده شهري ويتمتع بكافة الضمانات من خلال صندوق تعاضد الأساتذة في اللبنانية.
والنوع الثالث هم أساتذه الملاك، حيث يتم إدخال الأساتذه المتفرغين في ملاك الجامعة اللبنانية بعد توفر شروط يطلبها القانون، وحينها يُمنَعُ الأستاذ في الملاك من أن يُعلم في أية جامعه كانت، أو أن يعمل في أية وظيفه خارج الجامعة اللبنانية.
وعن الأمر الثاني وهو الأكثر أهمية وهو أجر ساعة الأساتذ المتعاقد مع الجامعة اللبنانية، يقول بارود إنه قبل الأزمة الاقتصادية كان أجر الساعة للأساتذة المتعاقدين تتراوح بين 43 دولاراً إلى 67 دولاراً حسب درجة الأستاذ العلمية التي تبدأ بمعيد ثم أستاذ مساعد وصولاً إلى أستاذ وذلك حسب فترة تدريسه وعدد دراساته ومقالاته وأبحاثه.
وعلى الرغم من أنها كانت تُقبض مرة واحدة في السنة، ومن دون أية ضمانات أخرى أو تقديمات، إلَّا أن الأستاذ المتعاقد كان يتحمل لأنه يَعلم أنه سياتي يوم ويتفرغ وتنتهي ماساته، لكن الذي حصل بحسب بارود بعد الأزمة الاقتصادية التي أصابت لبنان هو ما لم يكن بالحسبان بالنسبة للأستاذ المتعاقد مع الجامعة اللبنانية، فحتى الآن لم يقبض الأساتذة بدل العقد 2021 - 2022، ومن تقاضاه منهم تقاضاه منذ بضعة اشهر، وعلى سعر دولار 1500 ليره لبنانيه فقط لا غير، فمثلاً تقاضى بارود بحسب قوله لـ LebanonOn في 15 كانون الأول 2023 أي منذ حوالي ثلاثة أشهر وبقيمته التي كانت عليها قبل الأزمه أي سعر أجر الساعه 43 دولار على سعر دولار 1500، فكان مجموع ما تقاضاه كعقد سنوي لنصابه البالغ في حينها 262 ساعة، هو 15 مليون و 400 ألف أي ما يعادل 180 دولار فقط لا غير على سعر دولار صيرفة، ومن دون أي تعويض يذكر.
الكارثة لم تقف عند هذا الحد بل استمرت في عقد 2022 - 2023 الذي يتم احتسابه على سعر أجر ساعه يتراوح بين 200 ألف ليرة لبنانية و300 ألف ليرة لبنانية فقط لا غير، وهو بالطبع لم يقبض بعد، وللعلم لن تتجاوز قيمته الـ 500 إلى 700 دولار حسب درجه الأستاذ المتعاقد، وَحُرِمَ الأساتذة بالتعاقد من الإنتاجية التي أُعطيت لكل موظفي القطاع العام، وعلى الرغم من تلقيهم وعوداً ببدلات نقل لكن لم يقبضوا أي شيء منها منذ السنة الماضية حتى تاريخه.
وبمقارنة مع غيرهم من المتفرغين أو الملاك يتضح الفارق الهائل فلا يتخطى نصاب عقودهم الـ 250 ساعة ويتقاضون أجورهم شهرياً مضروبة بسبعة، إضافة إلى 650 دولار أميركي كإنتاجية من وزارة التربية، والتي هي في الأصل من حق الاساتذه المتعاقدين والمتفرغين والملاك كما ورد في مرسوم مجلس الوزراء، إضافة إلى حوالي 1000 دولار أميركي كتعويض من صندوق تعاضد الأساتذة، وهذا ما يعني أن راتب الأستاذ في الملاك يصل إلى ما يقارب من الـ 2000 دولار أميركي في حين أن زميله المتعاقد الذي يملك ساعات أكثر منه لم يقبض أي شيء منذ العام 2021 لا العقد السنوي ولا الإنتاجيه ولا بدلات النقل وهو محروم من كل أنواع الضمانات.
هذه المظلومية التي يتعرض لها الأساتذة بالتعاقد تكاد تكون خارجة عن المألوف، فكيف للأستاذ أن يتقاضى أجراً لا يكفيه بدل نقل لشهر واحد شرط أن يُعلم لتقاضيه عاماً دراسياً كاملاً؟!، لذا لجأ هؤلاء إلى الإضراب في محاولة منهم للضغط لتسريع ملف التفرغ أولاً، ثم لتصحيح وضع الأستاذ المتعاقد لناحيه أجر الساعة وإعطائه إنتاجيه أُسوة بزميله المتفرغ والتي هي حق له بالمرسوم الصادر عن مجلس الوزراء، فضلاً عن تسريع تفعيل عقود المشاهرة التي مضى عليها أكثر من 13 شهراً منذ صدورها ولم تنفذ حتى الان، وتعويض العقود السابقة 2021 - 2022 و 2022 - 2023 بما يتناسب مع الأجور الحالية للأساتذة في الملاك.