عزت ابو علي – LebanonOn
يعاني المواطن اللبناني عند سعيه لإجراء أية معاملة رسمية من استحالة تأمين الطوابع المالية اللازمة لإتمامها، وإِن وجدها بعد بحث طويل يدفع ثمنها أضعافاً مضاعفة.
يُحذِّر مصدر في وزارة المالية في حديث لـ LebanonOn من أن الأزمة في العام 2024 ستكون أصعب ومن الممكن أن تختفيَ الطوابع من السوق.
وعن هذه المعاناة يشرح المصدر لـ LebanonOn ما جرى، حيث يؤكد أنه ومع بداية الأزمة الاقتصادية في العام 2019 وانهيار سعر الصرف، بقيت الدولة تدفع مستحقاتها للمناقصات على سعر 1500 ليرة للدولار الأميركي الواحد، وهو ما أدى إلى فشل مناقصة إصدار الطوابع التي كانت إحدى كبرى مطابع لبنان تقوم بطباعتها، فتوجهت الدولة اللبنانية إلى الجيش اللبناني الذي عمل عبر مطابع مديرية الشؤون الجغرافية على طباعتها بقدراته المتاحة.
وبموازاة ذلك كانت الدولة اللبنانية ترفع الرسوم وتضاعفها دون أن تجد حلاً لزيادة الكميات في السوق خلال الأعوام السابقة، ويحذِّر من أن مضاعفة الرسوم السابقة لـ 20 ضعفاً في موازنة 2024 سيؤدي حتماً إلى استحالة تأمين طوابع لازمة لتغطية حاجات السوق.
وعن أسعارها الخيالية التي وصلت إلى حد بيع طابع الـ 1000 ليرة بـ 100 ألف ليرة للمواطن يقول المصدر إن من يمتلك رخصة هو الوحيد المُخوَّل له شراء الطوابع من المالية التي تدفع له "جعالة" على الطابع تصل إلى حدود الـ 250 ليرة فقط عن كل طابع، ومع غلاء المحروقات لجأ المرخصون إلى رفع سعر الطابع لتغطية هذا الفرق الهائل بين الجعالة المنخفضة وتكلفة إيصاله إلى المستهلك.
وعن قانونية الأمر يُشدِّد المصدر على أن هذا الأمر مخالف للقانون وبإمكان أي مواطن يتعرض للابتزاز في هذا الشأن اللجوء إلى النيابة العامة المالية التي تقوم فوراً بالادعاء على المخالف مما سيؤدي إلى سحب رخصته ومعاقبته، ويكشف المصدر أن بإمكان القضاء أن يعرف من اشترى هذه الطوابع ويتاجر بها أي يبيعها بأسعار مرتفعة لآخرين يعملون هم أيضاً على بيعها للمواطن بأسعار خيالية، فالمرخص يستلم بحسب المصدر دفاتر بأرقام متسلسلة للطوابع وتسجل باسمه، وبالتالي وعلى سبيل المثال لو اشترى مرخص مٌقيم في بيروت دفاتر الطوابع وتم بيعها في الشمال بإمكان القضاء أن يضبطه على أرقام الطوابع المتسلسلة المسجلة باسمه في وزارة المالية.
وعن الحلول يقول المصدر إن الوزارة لجأت بعد تعميم حكومي إلى إصدار ما يُسمى "ص 14" وهو ما يتيح للمواطن اللجوء إلى أقرب مركز بريدي لملىء إشعار ويدفع الرسم كما هو (طابع 1000 ليرة ثمنه 1000 ليرة فقط) دون أية إضافات، وعند تقدم المواطن لإجراء معاملته يقدم الإشعار للموظف الذي يَسِمُ المعاملة بأنها استوفت الطوابع المالية، لكن المشكلة أن بعضاً من إدارات الدولة لا تعترف بهذا الإشعار وهو ما يُشكِّل مخالفة لتعميم إداري!.
ويؤكد المصدر أنَّ المشكلة أيضاً تكمن في القيمة المنخفضة للطوابع، بمعنى فئاتها، فمثلاً إن قيمة رسوم أدنى معاملة اليوم وهي "طبق الأصل" باتت تكلف طوابع بقيمة 20 ألف ليرة وهذه الفئة غير موجودة وبالتالي على وزارة المالية تشكيل لجنة لإقرار طباعة فئات أعلى كـ 50 ألف ليرة و 100 ألف ليرة وربما أكثر، ولكن هذا الأمر وفي حال العمل عليه اليوم لن يبصر النور قبل أشهر طويلة.
ويكشف المصدر عن حلٍ مؤقت قامت به وزارة المالية ويأمل أن يلجأ إليه المواطن ويتجلى بتقديمه طلب شخصي باسمه إلى الوزارة عن حاجته لطوابع لمعاملة ما شرط أن يُرفِق بالطلب كل المستندات اللازمة التي تؤكد ذلك وعندها تدرس لجنة الطلب وتقرر السماح له بالاستحصال على الطوابع بقيمتها الحقيقية من وزارة المالية، ولكن دون الأمر عقبات كصعوبة التنقل نظراً لغلاء المحروقات وأجرة وسائل النقل فضلاً عن معاناة الانتظار لوقت طويل للاستحصال على الطوابع بسبب البيروقراطية القاتلة في العمل الإداري.
في المحصلة يبدو أن أزمة الطوابع مستمرة ولن تجد طريقها نحو الحل في المدى المنظور، ولحين الوصول إلى حلول على المواطن أن يبقى رهن ابتزاز بعض المنتفعين.