عزت ابو علي - LebanonOn
منذ سنوات عدة أقامت بريطانيا أبراجاً للمراقبة على امتداد الحدود الشرقية والشمالية بين لبنان وسوريا، واليوم أبدت الحكومة السورية امتعاضها من الأمر وقامت بتوجيه مذكرة احتجاج رسمية إلى الحكومة اللبنانية حول أنشطة هذه الأبراج.
يقول الخبير العسكري السوري اللواء محمد عباس في حديثه لـ LebanonOn إن هذه الأبراج تعتبر تهديداً للأمن القومي السوري واللبناني على حدٍ سواء، من خلال المعدات الاستخبارية المتطورة التي تحويها منظومات الأبراج، والتي تغطي عمق الأراضي السورية وتقوم بجمع المعلومات عن الداخل السوري.
وأبدى اللواء عباس تخوفه من وُجهة وصول هذه المعلومات، ولم يستبعد أن تصل من البريطانيين إلى العدو الإسرائيلي الذي يستغلها في تنفيذ اعتداءاته المتكررة على الأراضي السورية، حيث يؤكد عباس أن لندن تلعب دوراً مع واشنطن وتل أبيب منذ العام 2011 ضد سوريا.
اللواء عباس شدَّد في حديثه لـ LebanonOn على أن الجيش اللبناني يُعَدُّ جيشاً وطنياً قدَّم التضحيات الجسام في مكافحة الإرهاب وحمى لبنان من خطر تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة الإرهابية وهو قاتل من أجل تحرير جرود لبنان من هذه الشرذمة وانتصر، وكشف عن أن التنسيق الأمني بين لبنان وسوريا موجود في سبيل الحفاظ على أمن البلدين.
من هذا المنطلق يؤكد اللواء عباس على أنَّ الحل اليوم يفرض إنشاء أبراج متقابلة على مسافة صفرية من جانبي الحدود، بهدف تحقيق أهداف منع التهريب وتحقيق الأمن الوطني والقومي لكلٍ من بيروت ودمشق ومكافحة الإرهاب.
ويربط اللواء عباس بين ما يجري في شرق سوريا وعلى حدودها مع لبنان ويؤكد أنَّ الولايات المتحدة الأميركية تهدف إلى قطع الطريق على وصول الإمدادات إلى المقاومة في لبنان، عبر محاولات عزل سوريا بشكل كامل عن العراق عبر قاعدتها في التنف وبالتالي قطع خط الإمداد الذي يمتد من إيران مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى جنوب لبنان، إذ إن موضوع الإمداد عبر البحر دونه عواقب عدة وفي مقدمتها الأساطيل البحرية الأميركية المنتشرة في المتوسط، ويحذِّر عباس من أن أية محاولات بهذا الاتجاه سيؤدي إلى اندلاع حرب، ويصف هذا الممر بالخط الأحمر ويُذكِّر بما حدث في منطقة القائم لأجل ذلك.
وفيما يخصُّ الوضع في سوريا أكد اللواء عباس أن الهدف الرئيسي هو إسقاط هذه الدولة وما مناورة الأسد المتأهب في الأردن قبل سنوات عدة إلا دليلاً واضحاً على ذلك، ويُشدِّد على أنَّ الولايات المتحدة الأميركية استغلت ما تُسمى "قوات سوريا الديمقراطية" وتركيا لتحقيق أهدافها في شرق وشمال سوريا.
وحول الاشتباكات بين العشائر العربية وقوات "قسد" رأى اللواء عباس أنَّ الأمر يحمي مصالح واشنطن التي تأخذ موقف المتفرج على هذا الوضع وتنتظر من سينتصر لعقد الصفقات معه، آملاً أن تأخذ العشائر العربية صف الحكومة السورية فهي كانت على الدوام إلى جانب الدولة واستند في ذلك إلى تهجير كبار مشايخ هذه العشائر من هذه المنطقة نتيجة وقوفهم إلى جانب الحكومة السورية.
وفيما يتعلَّق بتنظيم داعش الإرهابي اتهم اللواء عباس أميركا بتغطية هذا التنظيم فكيف له أن يصمد وسط صحراء قاحلة دون إمدادات وكشف عن أن القوات الأميركية تؤمن له ما يحتاجه، وكذَّب الادعاءات الأميركية التي تزعم أنها لا ترى عناصر هذا التنظيم فيما هم يتنقلون في أماكن مكشوفة وتحت غطاء الطائرات الأميركية.
وربط اللواء عباس بين "قسد" وتنظيم داعش الإرهابي ورأى أن لا اختلاف بين الطرفين فالأول يُمثِّل الإرهاب تحت ستار العلمانية والثاني يعزف على أوتار التطرف الديني، ووجودهما حاجة مُلِحَّة لواشنطن لتحقيق أهدافها، ورأى أن الضغط العسكري ضدها سيُجبرها على مغادرة المنطقة لذا فهي تصعد من اعتداءاتها تارة عبر قواتها وعبر أذرعها تارة أخرى.
ويلفت اللواء عباس إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتخلى عن مواقعها بسهولة فهي تهدف إلى قطع مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تعد سوريا أحد أركانها لصالح الممر الهندي التي أعلنت عنه، كما لا توفر جهداً في سبيل تهديد الروس بإغلاق مضيق البوسفور والدردنيل عبر حليفتها تركيا، وبالتالي فإن إغلاق المضائق مع الممرات البرية سيقطع الطريق على الروس والصينيين ويُعيق مصالحهم في الشرق الأوسط بشكل خاص وعلى مستوى العالم بشكل عام.
وحول أساليب ذلك أشار عباس إلى أن الأميركيين نجحوا بإقناع مُستَخدَميهم بأنَّ ما يقوموا به لأجل قضاياهم بهدف تنفيذ مخططاتها، إذ أقنعت الأكراد بأنهم يحاربون لأجل قضيتهم، ونجحت ببث فكرة القتال لأجل الدين في عقول ونفوس الإرهابيين، إلَّا أن الحقيقة تكمن بأن هدف القتال الرئيسي هو السيطرة على الأرض لتمرير خط الغاز القطري باتجاه أوروبا، سعياً لمنح القارة العجوز صك حرية من الغاز الروسي، ولأجل تحقيق ذلك أيضاً كشف اللواء عباس عن أنه دون تدمير سوريا وإسقاطها لن يتحقق ذلك، ولهذا تمَّ إضعاف الدفاع الجوي السوري من خلال استهدافه من قبل الإرهابيين لإفساح المجال أمام الطيران المعادي لتنفيذ ما يشاء في أجواء سوريا، وطمأن إلى أن الجيش العربي السوري مع حلفائه نجح بإعادة حوالي الـ 50 بالمئة من قوة دفاعه الجوي وهو يعمل ليل نهار في سبيل استعادة عافية هذا السلاح الاستراتيجي.
وعن الوضع الإقليمي يُحذِّر اللواء عباس في حديثه لـ LebanonOn من أن ممارسات العدو الإسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة وداعميه يسعون لِجَرِّ المنطقة نحو حرب شاملة خاصة على الجبهة اللبنانية، واستند في ذلك لتصريحات وزير حرب كيان الاحتلال يوآف غالانت الذي يقول على الدوام إن جيشه يحارب على 7 جبهات وهو يستجدي من خلال ذلك تدخلاً من الناتو في سبيل توسيع الحرب، التي وفي حال تم ذلك بحسب اللواء عباس ستتحول إلى حرب إقليمية وربما إلى سبب رئيسي لاندلاع الحرب العالمية الثالثة نتيجة تعارض مصالح الدول الكبرى في هذه الشرق الأوسط.