"بخطوة مستغربة"، كما وصفها البعض، "تم تأجيل مؤتمر دعم الجيش اللبناني الذي كان مقررا في السابع والعشرين من الشهر الحالي في باريس بدعوة فرنسية الى موعد لم يحدد بعد".
هنا، ربط البعض هذه الخطوة "بغضب أميركي - فرنسي على الجيش اللبناني بسبب عدم ردعه لتصرفات حزب الله في جبهة الجنوب، وبعد محاولات أميركية - فرنسية عدة بتطبيق القرار 1701 وتراجع حزب الله من جنوب الليطاني إلا أن هذه المطالب (الأميركية الفرنسية الاسرائيلية) باءت بالفشل حتى الساعة.
في المقابل يرى آخرون أن هذه الخطوة أمر طبيعي في ظل ما يمر به لبنان من أزمات وحرب مشتعلة على الجبهة الجنوبية.
لا شك أن توقيت تأجيل مؤتمر دعم الجيش اللبناني يثير الشكوك في ظل هذه الظروف، فما هي أسباب تأجيله؟ هل من غضب أميركي فرنسي فعلا على القيادة بسبب ادائها في الجنوب اللبناني وعدم ردع الحزب في الجنوب؟ وما حقيقة الحديث عن ان من اسباب التأجيل ايضا انتهاك الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش لحقوق الانسان داخل المؤسسة؟
في هذا السياق، قال الكاتب السياسي جوني منير إن "فكرة إجراء هذا المؤتمر جاءت بشكل سريع، ودون درس التوقيت اللازم لهذا المؤتمر ولهذا السبب تم تأجيله كي لا يكون مؤتمرا "محروقا". وتابع: "إقامة مؤتمر دعم للجيش اللبناني يجب أن يترافق بدعم كامل للجيش بالأسلحة وغيرهـا، ولذلك تم تأجيله إلى أن تكون الصورة قد اتضحت فيما يخص القرار 1701 في جنوب لبنان وطالما حتى الساعة لم يحسم الامر فيما يخص ذلك فاستباق اجراء مؤتمر للجيش لا يكون في إطاره الصحيح ولا يعطي النتيجة اللازمة. وأضاف: "هذا المؤتمر يجب أن يحصل بالتوازي مع القرار 1701 خصوصا أن الجيش بحاجة الى تطويع عناصر أكثر ودعم مالي أكبر وأسلحة متطورة أكثر، خصوصا أن فرنسا قالت إنها ستتولى تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة اللازمة لأول مرة كتقدمة أو حتى رواتب للجيش. لذلك فضل الاميركيون أن يتم تأخير هذا المؤتمر ليكون في التوقيت المناسب وليكون نافعا وتكون النتائج جدية ومتناسبة أكثر مع ما يحصل على مستوى الـ 1701".
وإن كان هذا التأجيل جاء كتلويح بغضب أميركي وفرنسي للجيش اللبناني بحجة أنه لن يقوم بأي خطوة تردع عمل حزب الله في الجنوب، نفى منير ذلك نفيا قاطعا، بأن يكون هناك خلاف بين الجيش والخارج: وقال: "هذا يأتي في إطار التشويش على الجيش، والدليل على عكس ما يتم التداول به، هو الزيارة التي قام بها عضوي الكونغرس الأميركي يوم أمس، وكانت هذه الزيارة ليأكدوا على الدعم الكامل للجيش، بالإضافة إلى الرد على التشويش الحاصل فيما يخص الغضب الاميركي على الجيش بعدم ردعه للحزب في الجنوب".
وأردف منير: "من اللافت أن الجهة التي تشوش على الجيش تفعل ذلك لأسباب شخصية ولم تؤثر أصلا على الموقف الاميركي، وفيما تقوم أميركا بدورها من خلال الوفد الذي وصل أمس لتستتبع موضوع المؤتمر تقوم هذه الجهة من بيروت بالتشويش أمام حزب الله لتقول أن الجيش يتناغم مع السياسة الأميركية وينفذ السياسة الأميركية وهذه الجهة نفسها تتكلم الشيء أمام حزب الله ، فيما تتحدث عن نقيضه في جهة أخرى لأهداف واضحة ولكن ذلك بالطبع لن يؤثر".
وتابع: "من الواضح أن الاميركيين ومن خلال زيارتهم الى لبنان يحضّرون لدعم مهم وكبير للجيش وكان الهدف الأساسي لهذه الزيارة هو لقاء قائد الجيش وليس مسؤولين آخرين، وقاموا بلقاءات معهم من أجل البروتوكول وليس لأسباب أخرى أبدا، وهذا يفسر أن هذا الوفد قام بزيارة قائد الجيش وتناول العشاء في منزله وبالتالي هذا التشويش لن ينفع لا ان كان قد حصل من الجانب الأميركي ولا حتى من الجهة البنانية". وأشار منير إلى أن "هذا الدعم سيكون مقابل تطبيق القرار ال1701 فهناك خطر حقيقي ونية اسرائيل توسيع مستوى السخونة عند الانتهاء من رفح وهذا خطر جدي وهنا الأميركان يقولون بأن الأمر الوحيد الذي يمكننا أن نقوم به ونستبق الحرب هو تطبيق القرارالـ 1701 وهذا يعني فك الاشتباك ما بين ايران واسرائيل عبر الحدود اللبناني". وتابع مفصلا:"الـ 1701 الذي يتم التحضير له يتطلب أن يكون الجيش بوضعية جيدة لأنه حينها سيستلم المنطقة بشكل جدي وليس كما هو عليه اليوم".
وعما يتم التداول به فيما يخص "انتهاك حقوق الانسان من قبل الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش" وربما قد يكون من أسباب تأجيل هذا المؤتمر، قال منير:"هذا غير صحيح وهذا ضمن إطار التشويش، فعلى عكس ذلك، فالكونغرس يبحث في امكانية مساعدة الجيش اللبناني وتطويره بالأسحة اللازمة، فمؤتمر باريس بانتظار التوقيت المناسب أي تطبيق القرار الـ 1701 وليس هناك أي سبب آخر".
وردا على ما يتم تداوله حول محاولة بعض الدول اعدم المراهنة على موظف -اي قائد الجيش- تبقّى له أشهر في القيادة لإرضاء أطراف أخرى، نفى منير ذلك أيضا، وقال: "هذه الدول كانت متمسكة جدا بقائد الجيش وبالتالي هذا التمديد جاء بناء على الثقة التامة بالقائد وكان هناك توافق على التمديد له بطريقة أو بأخرى مع حزب الله فلو لم يكن هناك ثقة لكانت ذهبت هذه الدول في خيار آخر دون أن يمدد لقائد الجيش العماد جوزف عون".
وختم منير مشددا: "هناك تسوية بانتظار لبنان، ستحصل فيما يخص القرار الـ 1701، وستكون لوقف الحرب في لبنان والاصرار على الـ 1701، وانتشار الجيش اللبناني وتسليحه من ثم انتخاب رئيس للجمهورية الذي يجب أن يكون ضامنا لتنفيذ القرار الـ 1701 كما يجب أن يكون مدركا لخفاياه وهنا يأتي الرهان على ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون الى الرئاسة".