عزت ابو علي – LebanonOn
لم تدخل مصر على خط الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين فهي كانت ولا تزال في صلب هذه المواجهة التاريخية منذ العام 1948، سواء بالقوة العسكرية أو الديبلوماسية.
وتجد مصر نفسها اليوم تحت ضغوط تهجير مليون ونصف المليون فلسطيني من غزة إلى سيناء، وهي بحسب الخبير العسكري والاستراتيجي المصري العميد حاتم عاطف في حديثه لـ LebanonOn مؤامرة ستواجهها مصر بحزم شديد، فالتهجير يعني تصفية القضية الفلسطينية وضرب الأمن القومي المصري في مقتل.
ويؤكد العميد عاطف في كلامه أن تهديد المسؤولين المصريين بتعليق العمل باتفاقية "كامب ديفيد للسلام"، في حال تنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، المحاذية للحدود المصرية، جدية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها التهديد بتعليق الاتفاقية الموقعة منذ العام 1978.
ورأى الجنرال المصري أنه وأمام الإصرار الإسرائيلي على اقتحام رفح، فاتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين تحظر على أحد الأطراف التحرك في مناطق حدودية دون موافقة الطرف الآخر، كما أنها بالمقابل تُعطي إسرائيل نفس الحق عند تحريك مصر لقواتها في المناطق الحدودية في سيناء، وهو ما قامت به إسرائيل عندما سمحت قبل سنوات بتحرك الجيش المصري في مناطق شرق سيناء الحدودية التي تحظر الاتفاقية عمل الجيش بها، وذلك حين احتاجت مصر لملاحقة مسلحي ولاية سيناء الإرهابية، وهو ما يمكن استخدامه كمبرر بملاحقة إسرائيل للمقاومة الفلسطينية في رفح.
وفي هذا السياق، تتردد تساؤلات حول قدرة مصر على منع الاحتلال من القيام بعملية عسكرية في رفح، وعلى الخيارات التي تمتلكها القاهرة لفرض ذلك، حيث يدرك الكثير من المراقبين أن الهدف الأساس لعملية رفح المرتقبة هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
ويكشف العميد عاطف عن أوراق عديدة تمتلكها مصر لمنع إسرائيل من القيام بعملية عسكرية في رفح، على رأسها سحب السفير المصري من تل أبيب، وإعلان توقف مصر عن جهود الوساطة لإبرام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وتجميد عدد من الاتفاقيات فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، وتوجيه رسالة للمجتمع الدولي بأن إسرائيل خالفت اتفاقية السلام مع مصر، وأن القاهرة في حل منها، ويشدد في حديثه لـ LebanonOn على ضرورة قيام مصر بتدشين تحالف دولي وإقليمي مناهض لقيام إسرائيل بعملية عسكرية في رفح، مستغلةً الرفض الدولي لهذه العملية الخطيرة، حيث لم يعد أمام الفلسطينيين النازحين من شمال غزة لجنوبها إلا دخول الأراضي المصرية، وهذا ما يجب أن تتصدى له مصر بقوة وبخطوات معلنة، وأن تأخذ مواقف قوية تعكسها بيانات رسمية وتحركات على الأرض، لمنع سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء.
ويربط العميد عاطف بين خرق الاحتلال الإسرائيلي للاتفاقية وقيام مصر بتجميد العمل بالمادة الرابعة من اتفاقية "السلام"، والدفع بأعداد كبيرة من القوات والعتاد والأسلحة بالقرب من الحدود في سيناء، لمواجهة المخطط الإسرائيلي للتهجير القسري، والذي يعد الهدف الأهم للعملية البرية في رفح، وبالتالي إلغاء اتفاقية فيلادلفيا التي تعطي لإسرائيل حق النقض على كل ما يخص معبر رفح، وفتح المعبر لإدخال المساعدات الإنسانية رغماً عنها وبدون انتظار إذنها، فضلاً عن ضرورة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، مع إغلاق السفارات وسحب وطرد السفراء.
لماذا كل هذا الاستهداف لمصر؟
يعتبر العميد عاطف أن مصر تتعرض لهجمة غربية منذ زمن بعيد وتحديداً منذ أن قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تسليح الجيش المصري سواء القوات البرية أو الجوية أو البحرية وقوات الدفاع الجوي حتى أصبح الجيش المصري الرابع عشر عالمياً ونوعت مصر من مصادر تسليحها حيث أصبحت لا تعتمد على الولايات المتحدة فقط، بل اتجهت لفرنسا وألمانيا وروسيا والصين بالإضافة إلى صناعاتها الدفاعية المحلية التي شهدت تطوراً كبيراً.
ويرى العميد عاطف أن الولايات المتحدة تستهدف مصر بشكل مباشر رداً على رفض القاهرة لأوامر واشنطن بإمداد أوكرانيا بقذائف المدفعية المصرية، وامتناع مصر عن حظر مرور الطيران الروسي فوق أراضيها، بالأضافة إلى رفض الانضمام للعقوبات الاقتصادية ضد روسيا، ليس هذا فحسب، بل إن الرئيس عبد الفتاح السيسي قابل نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة ثنائية خاصة أثناء القمة الروسية الأفريقية.
الحرب الغربية على مصر بحسب العميد عاطف وصلت لذروتها مع عملية طوفان الاقصى يوم 7 تشرين الأول الماضي، ثم مسرحية صواريخ الحوثيين على السفن الأميركيه والإسرائيلية لغلق مضيق باب المندب وتأثيره المباشر على قناة السويس شريان الحياة في مصر.
قدرة مصر على المواجهة العسكرية
يقول العميد عاطف في حديثه لـ LebanonOn إن الجيش المصري قادر على مواجهة الجيش الإسرائيلي، وله في حرب أكتوبر 1973 العبرة، وذكَّر بأن الجيش المصري هو أول من استخدم صواريخ سكود حيث ضرب 3 صواريخ علي مواقع إسرائيليه، وقد ذاق الجيش الإسرائيلي مرارة الهزيمة برغم التفوق الإسرائيلي في ذلك الوقت تسليحاً، ولكن عظمة المقاتل المصري وإيمانه بقضيته حطمت كل الحسابات في ذلك الوقت.
هذا في السابق فكيف هو الوضع حالياً؟ يرى العميد عاطف أن مصر اليوم قوة عسكرية جبارة لا يستهان بها، فجيشها في المركز الرابع عشر عالمياً والقوات البحرية السادسة عالمياً إلى جانب التدريب العالي والاحترافي للجيش المصري وإنجازاته وآخرها القضاء على الإرهاب في سيناء، ويشدد على أن الجيش لن يسمح بالتفريط في شبر واحد من أرض سيناء، وإذا كُتب عليه القتال فهو أهل للمعارك، ويحذر من أن دخول الجيش المصري في حرب مع إسرائيل ستصبح حرباً إقليميه وسيشارك فيها أطراف عديدة، ويرى العميد عاطف أن قادة الجيش الإسرائيلي يعترفون بعدم جهوزية وحداتهم العسكرية وعدم أهليتها لمواجهة الجيش المصري الآن، لإدراكهم قوة الجيش المصري.
وتُضاف إلى هذه العوامل التي ربما تمنع اجتياح رفح، عامل أساسي آخر بحسب العميد عاطف، وهو الجبهة اللبنانية مع الاحتلال المتمركز في شمال فلسطين المحتلة، ويؤكد أن حزب الله ومنذ الحديث عن اجتياح رفح كثَّف هجماته ضد الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يحمل بين طياته العديد من الرسائل فالحزب في قلب المواجهة العسكرية وهذه العمليات تمنع إلى حد كبير تنفيذ الجنون الإسرائيلي باجتياح رفح وقادة العدو لغاية الآن يبدو أنهم فهموا رسائل المقاومة في لبنان.