عزت ابو علي – LebanonOn
في بضع عشرات من الكيلومترات يحتشد مليون ونصف المليون فلسطيني من أبناء قطاع غزة في منطقة رفح بعد أن دفعهم العدو الإسرائيلي باتجاه المنطقة المحاذية لجمهورية مصر العربية، من كل مناطق قطاع غزة خاصة من الشمال والوسط.
ظنَّ الفلسطينيون أن هذه المناطق المحاذية لمصر ربما تقيهم من جرائم بنيامين نتنياهو وجيشه، لكن رئيس وزراء العدو الذي أخفق في تحقيق أهداف عدوانه، يرمي اليوم نتائج فشله على منطقة رفح بوابة غزة الوحيدة نحو العالم الخارجي.
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد فواز عرب في حديثه لـ LebanonOn إنّ رئيس وزراء العدو طلب من كبار ضباطه تحضير خطة لتهجير سكان منطقة رفح والذين يفوق عددهم مليون ونصف المليون نسمة من مقيمين ونازحين تمهيداً لاحتلال منطقة رفح والقضاء على المقاومة الفلسطينية وإعلان قطاع غزة تحت السيطرة التامة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى العميد عرب أن هذه الدعوات ما هي إلا تهويل سياسي وميداني يهدف نتنياهو الذي ينتظر محاكمته من ورائها إلى طرح شروط أخرى تحفظ ماء وجهه كما جيشه المنهار.
فنتنياهو في مأزق ومستقبله السياسي على المحك فهو يريد من وراء هذا الإعلان المستحيل تحقيقه لاعتبارات إنسانية وميدانية وإقليمية طرح شروط أخرى يعتبرها انتصاراً لخياراته محاولاً ضمان مستقبله السياسي.
ويؤكد العميد عرب أن الإدارة الأميركية غير موافقة على هذه العملية التي تعرض مصالحها القومية والاستراتيجية وعملية "السلام" في الشرق الأوسط للخطر إضافة إلى تحمل مسؤولية التهجير وقتل آلاف المدنيين وما يمكن أن ينتج عنه خلل في التوازنات الإقليمية والجيوسياسية.
نتنياهو الذي أطلق العنان لجيشه لبدء المجازر التي سجلت أولها مئة شهيد فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال في رفح، لن يستطيع بحسب العميد عرب تحقيق ما يريده ميدانياً، فهو على الرغم من احتلاله شمال ووسط قطاع غزة فإنه لا يسيطر عليها بشكل تام، فالمقاومة الفلسطينية ما زالت تقوم بعمليات في الخطوط الخلفية العدو.
لذا ففي حال أطلق جيش الاحتلال عملية عسكرية في منطقة رفح بعد تهجير المقيمين والنازحين، فإنه سوف يدخل في حرب استنزاف مع المقاومة الفلسطينية التي سوف تعتمد قتال الشوارع والقتال بمجموعات صغيرة مستغلة المباني والأنفاق لتكبيد جيش العدو خسائر كبيرة في العديد والعتاد.
وعلى الجانب الآخر من رفح توجد مصر التي هدَّدت مراراً وتكراراً من عملية كهذه، لكن العميد عرب يرى في حديثه لـ LebanonOn أنَّه وعلى الرغم من اعتبار مصر أنَّ هذه العملية خرق فاضح لاتفاقية كامب دايفد، فإن حصول حرب بين القاهرة وتل أبيب مستبعد، كون مصر سوف تكون منهمكة بالكارثة الإنسانية التي ستحصل في سيناء في حال هَجَّرَ العدو الإسرائيلي الفلسطينيين إليها.
يأتي ذلك مضافاً إلى أن مصر بوضعها الحالي المالي والنقدي والمعيشي الصعب لا يمكنها الدخول في حرب، فهذه الخطوة تتطلب بالإضافة إلى التاييد الشعبي شرطين أساسيين، هما دعم مالي كبير ومتواصل لدعم اقتصاد الحرب، وجسر جوي مستمر للعتاد والأسلحة والمعدات الحربية للتعويض عن الاستهلاك والخسائر، دون الأخذ بعين الاعتبار التفوق التقني والتكنولوجي العسكري الذي هو لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي على حد ما يقول العميد عرب، الذي يؤكد أنَّ الشرطين ليسا في صالح مصر، لذا فإن ردة فعل الجانب المصري سوف تقتصر على سحب السفراء وتعليق التبادل الديبلوماسي وتعليق اتفاقية "السلام" والدعوة إلى عقد قمة عربية عاجلة لاتخاذ موقف موحَّد تجاه عملية "السلام" و"التطبيع" مع الكيان الصهيوني.
في المحصلة فإن التراخي العربي في التصدي لجنون نتنياهو ومعسكره المتطرف سيُمهد الطريق أمام العدو لارتكاب أكبر مجزرة إبادة جماعية في التاريخ الحديث، فتل أبيب تصم الآذان عن الدعوات الإقليمية والدولية لوقف العدوان على رفح، ومنع عملية اجتياح بري توعدت بها وأثارت قلقاً بالغاً في أرجاء العالم.