عزت ابو علي - LebanonOn
تعاني مصر من واقع اقتصادي ضاغط يُعدُّ الأخطر في تاريخها بحسب مؤسسات التصنيف الائتماني الدولي، أثَّر ذلك سلباً على الواقع المعيشي حيث تخطَّت نسب الفقر معدلات مهولة.
يقول الخبير الاقتصادي المصري الدكتور عماد مراد في حديثه لـ LebanonOn إن الشعب المصري يمرُّ بأكثر الأوضاع المعيشية سوءاً في تاريخه، فبالإضافة إلى فقدان الجنيه لقيمته الشرائية أمام قوة الدولار الأميركي تفتقد مصر إلى السلع الأساسية، وإن توفَّرت، تكون بكميات قليلة نتيجة شحّ الدولار في السوق.
ويشدد مراد على أن الوضع الاقتصادي الضاغط قضى على الطبقة الوسطى، كما أنه يعصف بالطبقات الأكثر فقراً، محذراً من إثارة الاضطرابات التي ستعيد إلى الأذهان أحداث العام 2011.
لا شكَّ بأن الشعب المصري أُشبع بالوعود بزوال هذه الغمامة إلَّا أن أيامه لا تزال تزداد سوءاً منذ العام 2013، ودفع ذلك القاهرة لاستجداء صندوق النقد الدولي للحصول على بعض المليارات من الدولارات التي لن تقدم ولن تؤخر في حل الأزمة، وذلك بسبب انخفاض معدل الصادرات، وشُح تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، وانخفاض عائدات السياحة، وتراجع إيرادات قناة السويس بسبب التهديدات الأمنية في البحر الأحمر.
ويرى مراد أنَّ منهجية الدولة في بيع أصولها لن يفيد الاقتصاد شيئاً طالما لم تقترن هذه المنهجية بإصلاحات حقيقية، حيث تعمل الدولة على بيع أصولها عندما تأكل الخسارة شركات القطاع العام التي تُباع إلى المستثمرين بثمن بخس، ويلفت إلى أن أصول الدولة المُباعة أيضاً لن تجذب المستثمرين بسبب وقوع العقارات المنوي بيعها على مقربة من عشوائيات وأماكن سكنية لا تزال تعاني من مشكلة الايجار القديم والاكتظاظ، ويرى أن إلغاء قانون الإيجارات القديم يُشكِّل مقدمة لعملية الإصلاح والاستفادة من الأصول وتوجيهها بالشكل الصحيح لما يراه المستثمر الأجنبي مربحاً.
ويعتبر مراد أن سوء الإدارة وتربّع الغير كفوء على رأسها يؤدي لعرقلة تولي القطاع الخاص قيادة عملية التنمية، وأدَّت إلى معدلات تضخم غير مسبوقة، فضلاً عن أزمة الاستدانة الخارجية الكبيرة التي أثقلت كاهل الموازنة العامة للدولة.
ويؤكد مراد أن توجه مصر نحو الاقتصاد الريعي أوصلها إلى ما وصلت إليه، مع تخليها التدريجي عن الاهتمام بالصناعة والزراعة وهو ما رفع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق، وهو ما يُفسِّر تحديات القاهرة التي تتوزع ما بين ارتفاع مستويات الفقر، والتضخم، والدين العام، والديون الخارجية، والاختلالات الهيكلية الناجمة عن مشاركة الدولة في الاقتصاد غير الإنتاجي، حيث وجَّهت الحكومة مجمل عملاتها الصعبة للاستثمار في المشاريع العقارية الجديدة دون دراسة جدواها الاقتصادية، فهذه المشاريع السبب الرئيسي لاختفاء العملات الصعبة وفي مقدمتها الدولار.
ويكشف مراد أن عدد الوحدات المبنية فاق الـ 62 مليون وحدة، فيما الحاجة العامة للمصريين هي 25 مليون وحدة فقط، بزيادة 900 ألف وحدة فقط بشكل سنوي، ويعتبر أن الفائض المهول البالغ 37 مليون وحدة كلها تُسجل خسائر على الدولة.
طبعاً لن تمر هذه الأزمات على خير فالشعب استعاد ذاكرة الـ 2011 يوم ثار على نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وأطلق حملات على وسائل التواصل الاجتماعي للتصدي للحكومة، من قبيل "كفايه غلاء مش عارفين نعيش" و "كفاية غلاء احنا بنموت"، وذلك لمطالبة الحكومة بوضع حلول جذرية للحد من الغلاء الفاحش المنتشر وغير المسيطر علية .
ويحذِّر مراد من أن سياسة الاحتواء التي تنتهجها الحكومة والمتمثلة بغض النظر عن المخالفات التي تقوم بها الطبقات المهمشة بغية عدم انفجارها في الشارع لن تعمر طويلاً، ويؤكد على أن مصر ستذهب باتجاه الانفجار في الشارع ما لم تُسارع الحكومة للإصغاء إلى أصحاب الاختصاص لإخراج مصر من هذا النفق مجهول العواقب والنتائج.