عزت ابو علي - LebanonOn
لم تتقبَّل الولايات المتحدة فكرة بروز منافس لها في الشرق الأوسط ولو بفارق قوَّة رهيب، لكنَّ هذه القوى المناوئة لواشنطن أطلقت مع بداية عملية طوفان الأقصى نيرانها بشكل مباشر على مصالح واشنطن، وكان آخرها وأخطرها العملية التي استهدفت البرج رقم 22 في الأردن مما أسفر عن مقتل وجرح العشرات من القوات الأميركية.
يقول الباحث في مركز الدراسات الانتروستراتيجية العميد الركن المتقاعد نضال زهوي في حديثه لـ LebanonOn إنَّه من الواضح أن الأميركي كان سيضرب في العراق وسوريا بعد أن أخذ المشروعية الدفاعية لعمل عسكري بالإضافة إلى البث الإعلامي الكبير في الولايات المتحدة الأميركية للترويج لعدالة هذه الضربة التي صنفتها واشنطن تحت بند "دفاعية".
التمهيد لهذه الضربة انطلق باعتراف الأميركي بشكل واضح وصريح بخسائره البشرية نتيجة الضربات العراقية على قواعده في سوريا والعراق.
وقَّع الرئيس الأميركي جو بايدن قرار الضربة حيث تم تنفيذ الضربة الأولى على المواقع الحدودية بين سوريا والعراق واستهدفت 85 هدفاً كبيراً لفيلق القدس وحلفائه العراقيين والسوريين، ويكشف زهوي أن الضربات أتت بعد إخلاء الأهداف من مقاتليها نتيجة الإنذار الأميركي المُسبق وعلم المناوئين لها بجدية التهديد الأميركي.
الضربة لم تكن عادية هذه المرة حيث استخدمت الولايات المتحدة صورايخ ذات طاقة انفجارية عالية جداً، مثل صواريخ توماهوك.
ويؤكد زهوي في حديثه لـ LebanonOn أنَّ لهذه العملية هدفين واضحين مهمين:
- أولها اعتبار الضربة تهديداً مباشراً لإيران والمحور برمته خصوصاً أنها مستمرة وحصلت اليوم بعد انذار، أمَّا بعد ذلك ستحصل دون انذار وذلك بعد استقدام طائرات B1B الاستراتيجية القاذفة.
- الهدف الثاني يَخُصُّ الانتخابات الأميركية حيث تمَّ توقيت الضربة أثناء مراسم دفن الجنود الثلاثة وهم من العرق الأسود الذي يُعتبر موته ليس ذات قيمة مهمة للأميركيين، خصوصاً بعد حوادث الشرطة مع هذا العرق في عهد منافس بايدن الرئيس السابق دونالد ترامب.
وعن استمرار هذه الضربات يرى زهوي أنها مستمرة إلى وقت قد يصل إلى ما قبل الانتخابات الأميركية.
ويُشير زهوي في حديثه لـ LebanonOn إلى أنَّ هدف هذه العمليات على المدى الزمني المتوسط يُعَدُّ خطيراً جداً، ويتمثَّل بإضعاف كافة القوى المناوئة لتنظيم داعش الإرهابي في شرق الفرات، بغية ضمان تمدده في حال انسحب الأميركي من المنطقة، وهو وما يؤمن لواشنطن مشاغلة عسكرية لكافة أعدائها في الشرق الأوسط.
من الواضح أنَّ هذه العمليات لم تلحظ التهديدات على كيان العدو الإسرائيلي، وهو ما يؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر أنَّ دخولها على خط الحرب في الشرق الأوسط بشكل مباشر، يُمثِّلُ البقاء الوجودي لها في هذه المنطقة الاستراتيجية والحيوية من العالم.
في المقابل يقول رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية الدكتور خالد زين الدين لـ LebanonOn إنَّ الولايات المتحدة الأميركية لن ترضى بأي طرف مناوىء لها خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وهي لأجل ذلك ستسعمل عصاها الغليظة لضرب أي طرف تعتبره عدواً لها، ويُشدِّد على أن إطلاق الناتو لأضخم مناورة في تاريخه بمشاركة 100 ألف جندي والآلاف من المعدات العسكرية ليس من فراغ، حيث تحاكي المناورة نقل القوات العسكرية من كندا وأميركا الشمالية لمناطق الصراع، ليس هذا فحسب، بل، إنَّ المناورة تأتي بالتزامن مع إعلان الناتو عن برامج تسلح لمدة 20 عاماً.
في المُحصِّلة يبدو أن واشنطن قرَّرت تنفيذ ما تراه مناسباً لها في الشرق الأوسط، ضماناً لاستمرار وجودها وللحفاظ على مصالحها التي تعتبرها وجودية وعلى رأسها أمن الكيان الصهيوني وضمان خطوط الإمداد وسلاسل التوريد، والمعترض سيواجه عقاباً مباشراً، فإلى متى سيستمر ما أسماه محور المقاومة الصبر الاستراتيجي؟وهل التخلي عنه سيُشعِلُ حرباً قد لا تبقى إقليمية وتكون شرارة للحرب الكبرى أو الكونية الثالثة؟!.