عزت ابو علي – LebanonOn
في غمرة الصراع المشتعل في الشرق الأوسط، برز إلى الواجهة ملف آخر قد يُعيد تكرار مشاهد الثاني من شهر آب من العام 1990 حين استفاق العالم على خبر سيطرة جيش العراق بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين على الكويت.
انفجرت الأزمة بين العراق والكويت مجدداً على خلفية إلغاء المحكمة الاتحادية اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله بين العراق والكويت مما أثار موجة من التوتر بين البلدين، حيث دعت الرياض والكويت، العراق إلى الالتزام بالاتفاقية.
يقول الأكاديمي العراقي الدكتور نبيل نواف في حديثه لـ LebanonOn إن اتفاقية خور عبد الله أو اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله هي اتفاقية دولية بحرية بين العراق والكويت، تمَّت المصادقة عليها في بغداد في الـ 25 من شهر تشرين الثاني من العام 2013.
يوم توقيع الاتفاقية أُثير جدل كبير في العراق حيث رأى فريق من السياسيين العراقيين أن رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي والبرلمان الموالي له يومها قد تنازلا عن جزء من خور عبد الله، ويؤكد نواف أن الخور هو الممر الملاحي الوحيد المؤدي إلى معظم الموانىء العراقية، وهو يعتبر منطقة استراتيجية بالنسبة للعراق، ويتهم الكويت باستيلائها على أراضٍ عراقية بسبب هذه الاتفاقية.
لكن نواف يكشف في حديثه لـ LebanonOn أنَّ رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي المُثقل بتهم الفساد، قد باع خور عبد الله للكويت بمبلغ 6 مليارات دولار، ويؤكد أنه وفي إطار السمسرة وتهرباً من هذه الجريمة بحق العراق تمَّت تولية إحدى الشركات الإيطالية لبناء ميناء الفاو الكبير، ثم انسحبت منه لصالح شركة إيرانية هي الأُخرى تملَّصت دون معرفة الأسباب الواضحة لتتولى شركة كورية الموضوع.
الخور الواقع في شمال الخليج العربي، ما بين جزيرتي بوبيان ووربة وشبه جزيرة الفاو هي أراضٍ عراقية خالصة بحسب نواف، الذي أكَّد أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لطالما طالب بهما لكن طلباته كانت تواجه برفضٍ كويتي، حيث يمتد الخور المتنازع عليه إلى داخل الأراضي العراقية مشكلاً خور الزبير الذي يقع به ميناء أُم قصر العراقي.
ويلفت نواف إلى أن الكويت وبعد انسحاب العراق منها إثر تحالف دولي، تسلَّحت بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 الصادر في العام 1993 الذي اعتبر أنَّ الخور أراضٍ مقسومة ما بين جمهورية العراق ودولة الكويت وحدود الخور بينهما هي خط الوسط ويكون الخور منفذاً بحرياً ممكناً للدولتين إلى مختلف أنحاء إقليم كل منهما، والملاحة البحرية متاحة لهما، ويؤكد أنَّ الجميع يعرفون كيف أتى هذا القرار في لحظة تآمر دولي على العراق وضربه وتعميق أزماته الاقتصادية بهدف إضعافه.
ويُشدِّد نواف على أن الكويت هي جزء لا يتجزَّأ من الأراضي العراقية وسُلِخَت عنه بدعم بريطاني عندما احتلت المملكة المتحدة العراق، ويعود إلى السياق التاريخي حيث حاول الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم استعادة الكويت بالقوَّة العسكرية لكنَّ بريطانيا تدخَّلت بقوتها للوقوف بوجه القوات العراقية.
ويرى نواف أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والذي حارب لمدة 8 أعوام من أجل كل دول الخليج العربي، تلقى طعنة في ظهره من خلال تحويل الهبات الخليجية للعراق أثناء الحرب مع إيران إلى ديون ومطالبة العراق بها وتخفيض سعر النفط، خوفاً من تحوُّل العراق إلى قوة كبيرة، بالإضافة إلى اكتشاف المخابرات العراقية لمناورات سريَّة كانت تجريها القوات الأميركية في الكويت وتحاكي اجتياح العراق، وهو الأمر الذي دفع بالرئيس الراحل صدام حسين لتنفيذ عمليَّة استباقية أدَّت إلى دخول الجيش العراقي إلى الكويت وضمِّها للعراق.
وأسف نواف في حديثه لـ LebanonOn من المساعي الذي يقوم بها جيران العراق بغية إضعافه، وذكَّرهم بأن العراق كان وسيبقى حارس البوابة الشرقية والشمالية للعالم العربي بأسره.
في المُحصِّلة يبرز الصراع العراقي – الكويتي في وقت تمرُّ فيه المنطقة برمتها في أصعب الظروف، ووسط تجدُّد الخلاف السعودي – الكويتي من جهة وإيران من جهة أُخرى على حقل الدرَّة النفطي، فهل ستُشكِّل هذه الملفات المُستجدَّة شرارة لإشعال فتيل صراع في منطقة الخليج العربي التي تُعدُّ لغاية اليوم مستقرة نوعاً ما مقارنة بما يحدث في أماكن على مقربة منها؟!