عزت ابو علي – LebanonOn
ترسم عملية طوفان الأقصى ملامح جديدة لمنطقة الشرق الأوسط برمتها، فهي منذ بدايتها أفرزت معسكرين يريد كل منهما تحقيق نصر حاسم على الآخر.
يقول رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية الدكتور خالد زين الدين في حديثه لـ LebanonOn إن الرئيس الأميركي جو بايدن يقود المعركة بشكل مباشر في الشرق الأوسط، والدليل أنه تَرَأسَ مجلس الحرب في كيان الاحتلال عند انطلاق العدوان على غزة.
ويؤكد زين الدين أن الحرب لن تتوقف وهي تحوَّلت إلى حرب إقليمية ولكن دون صِدامات مباشرة، فهي لغاية الآن تتم عبر الوكلاء.
ويُشدِّد زين الدين في حديثه لـ LebanonOn أن ملامح المنطقة ستتغيَّر كما تريد الولايات المتحدة الأميركية، وهي الطرف الأقوى في الصراع.
ويلفت إلى أن بايدن اتخذ القرار بتصفية القضية الفلسطينية من أساسها، وأن العدوان على غزة هو آخر فصول القضية الفلسطينية حيث حسمت الدول الغربية موقفها لجهة الانتهاء من هذه المشكلة، ولكن بما يصب في صالح العدو الإسرائيلي.
ويرى زين الدين أن قرار وقف تمويل الأنروا هو الدليل الواضح على ذلك، وجاء بعد إعلان عدد من الدول الأوروبية استعدادها لاستقبال الفلسطينيين على غرار اللاجئين من أوكرانيا، ويكشف أن القرار متخذ منذ العام 2014 وكشف عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأحد المقربين منه، ويؤكد أن الترحيب الأوروبي باللاجئين الفلسطينيين والذي سبق قرار وقف تمويل الأنروا بيوم واحد فقط ليس على سبيل المصادفة.
وفي حديثه إلى LebanonOn يعتبر زين الدين أن غزة أُبيدت عن بكرة أبيها ونصرها معنوي فقط وجاء بسبب صمود مقاومتها وأبنائها، وهي لن تعود إلى ما كانت عليه أبداً وتصفيتها تمَّت بعد تحويلها إلى مكان غير آهل للسكن ولا للبقاء، وهي مقدمة عن صورة المنطقة حيث يتم تدمير الدول بالحروب تارة وبالعقوبات الاقتصادية وتفكيك مؤسسات الدول وبالانهيارات الاقتصادية تارة أخرى.
وحول تفتيت الدول يؤكد زين الدين أن قضية فلسطين تتعرض للتصفية، فيما لبنان سيكون محكوماً بشكل مباشر من الولايات المتحدة حيث انتقلت الوصاية من عنجر إلى السفارة الأميركية وعلى رأسها السفيرة الأميركية، ويكشف أن جميع الفرقاء في لبنان سيعجزون عن قول لا ومن سيعترض سيواجه بالقوة.
وفي سوريا وعلى الرغم من تأكيد زين الدين على بقاء الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة فإن دمشق ستبقى عرضة لاعتداءات الولايات المتحدة الأميركية لضربها وتفتيتها وإبقائها تحت المعاناة وبانت ملامح ذلك من خلال بدء الانسحاب الإيراني من سوريا، فطهران بحسب زين الدين باتت تفهم رسالة واشنطن على غرار فصائل العراق الموالية لإيران والتي أعلنت عن وقف استهداف الأميركيين، وكذلك الضربات المؤلمة على الحوثيين والحديث بقوة عن وقف الحرب وتسوية قضية اليمن.
وحول قدرة الولايات المتحدة على تمرير مشاريعها، يرى زين الدين أن واشنطن سترعى المنطقة وتقدِّم جوائز الترضية للاعبين الكبار، فإيران وبعد مواجهة أذرعها العسكرية سيستمر نظامها على ما هو عليه ولكن ضمن حدودها الجغرافية بهدف الإبقاء على التناحر السني – الشيعي فهدف الولايات المتحدة الإبقاء على الفتنة وتسعير نارها بهدف ضمان تفوق العدو الإسرائيلي وتحقيق مصالح واشنطن، وفيما خصَّ تركيا فإنها ستكون شرطي المنطقة بالتكاتف والتعاون مع إسرائيل فضلاً عن الازدهار الاقتصادي، فيما سيُشكِّل الأكراد المحرك الاقتصادي فإربيل وبحسب زين الدين ستتحوَّل إلى قاعدة اقتصادية وأمنية وتجسسية ووكيل اقتصادي للولايات المتحدة وإسرائيل وستتفوق على دبي بأشواط، وستكون نيويورك الشرق الأوسط.
وعن اللاعبين الكبار يؤكد زين الدين أنهم حصلوا على جوائز الترضية، فالروسي سيأخذ أوكرانيا التي تُرِكَت لمصيرها المحتوم منفردة، ويرى أن واشنطن أغرقت موسكو في وحول كييف وتركتها تواجه المرتزقة لعامين دون إحراز تقدم ودون دخولها على خط الصراع بشكل مباشر، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يستطيع التراجع وسيعتبر أن منحه أوكرانيا هو نصر سيسوقه داخلياً ويحقق له أحلامه الشخصية وسيسكته عن ممارسات واشنطن في الشرق الأوسط.
أمَّا اللاعب الصيني فلا تغريه بحسب زين الدين إلَّا الأموال، حيث عوَّضت واشنطن بكين عبر استثمارات مع حليفتها تل أبيب، ويؤكد زين الدين بأن الصيني حصل على استثمارات ضخمة في كيان الاحتلال في قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا والبنى التحتية بالإضافة إلى مرفأ على المتوسط وهو ميناء حيفا لمدة 25 عاماً، وما التصريح الصيني برفض إغلاق باب المندب إلَّا دليلاً قاطعاً على قبولها بجائزة الترضية هذه، فالصادرات الصينية إلى العدو الإسرائيلي تخطَّت الـ 20 مليار دولار أميركي كبداية فقط.
ويُحذِّر زين الدين من سعي أميركي جاد لخلق مجتمع لبناني متوافق مع الإسرائيلي بمساعٍ حثيثة من واشنطن، وذلك عبر الجمعيات الممولة بشكل مباشر منها والتي تسعى إلى ضرب منظومة القيم في لبنان، ويرى أن جميع الأجهزة مُكبَّلة للتصدي لهؤلاء الذين يتلقون تعليماتهم بشكل مباشر من سفارتها.
وأكد زين الدين أن السبيل الوحيد لضرب مشروع التقسيم و"سرقة مواردنا البشرية والثروات الطبيعية والسيطرة علينا وإخضاعنا، هو بوحدتنا وتماسكنا وتضامننا ونبذ كل الخلافات لنستطيع مواجهة المشروع أو التخفيف من أثاره علينا وعلى أوطاننا".
في المُحصِّلة يبدو أن الصراع في المنطقة لا يزال في بدايته وما الحديث عن تسويات إلا لذرِّ الرماد في العيون، فالمشاريع المرسومة أكبر من الجميع والمخططات ستسلك طريقها إلى التنفيذ باللين مع الموالي وبالقوة مع من يبدي اعتراضاً.