عزت ابو علي – LebanonOn
وضعت المستجدات في الشرق الأوسط جمهورية مصر العربية تحت ضغط هائل، جاء مُضافاً وتزامناً مع طوق الخناق الاقتصادي الذي يضيق بشكل متسارع حول عنقها.
فمصر التي تمر بأزمة اقتصادية غير مسبوقة هي الأعنف في تاريخها مع محاذير إعلان الإفلاس والتعثر عن سداد الديون، تلقَّت ضربة قوية جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، وما رافقه من أحداث.
تُشكِّل قناة السويس المصدر الأبرز للعملة الصعبة في مصر حالياً، لكن القاهرة تعاني من اضمحلال دور القناة الاستراتيجية، حيث يؤكد الباحث في مركز الدراسات الانتروستراتيجية العميد الركن المتقاعد نضال زهوي أن الولايات المتحدة الأميركية استغلت مساندة اليمن للمقاومة والشعب الفلسطيني، وبدأت بتنفيذ خطة الممر الهندي الذي يربط الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمملكة الأدرنية الهاشمية بـ "إسرائيل" كسيناريو تجريبي، لذلك تمَّ منع السفن التجارية من الدخول إلى البحر الأحمر، واعتبر زهوي أن مصر هي المتضرر الأكبر من هذه العملية، حيث تراجعت عائدات قناة السويس بشكل كبير.
على خطٍ موازٍ أيضاً، شجعت الولايات المتحدة الأميركية إثيوبيا المعادية لمصر والتي تهدد أمن المياه المصرية بالخروج الى البحر الأحمر عبر الأراضي الصومالية، لتأمين إطلالة بحرية مُشرفة عليه، وهو ما يمنح إثيوبيا قاعدة استراتيجية تُعيق من خلالها الوصول إلى قناة السويس المصرية.
ويُشدِّد زهوي في حديثه لـ LebanonOn أن التهديد "الإسرائيلي" بالدخول إلى محور فيلادلفيا أي الدخول إلى الأراضي المصرية، يهدف مع العوامل السابقة لمحاصرة مصر بغية إجبارها على قيادة القوات البحرية الحامية للإزدهار.
لكن كل هذه المخططات لا تزال تواجه برفض تام من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقادة جيشه، بالإضافة إلى إعلان القاهرة الوقوف مع مقديشو ضد مساعي أديس أبابا في جمهورية أرض الصومال الانفصالية للاستحصال على ميناء مُشاطىء للبحر الأحمر.
ويرى زهوي أنه ومن الواضح فإن مشروع الممر الهندي الذي أقرته مجموعة الدول الصناعية السبع وعلى رأسها الولايات المتحدة ودعم مشروع إثيوبيا يهددان الأمن القومي المصري، فهل ستبقى مصر ضمن الاصطفاف الأميركي، أم أنَّها ستأخذ خياراً آخر؟.
ويلفت زهوي إلى أن مفتاح الكماشة التي تحاصر مصر، موجود شرقاً، فهي تمتلك علاقات مميَّزة مع روسيا التي دشَّنت المفاعل النووي المصري، كما تتمتَّع مصر أيضاً بروابط صداقة مع الصين، وتدرك القاهرة جيداً أن مصلحتها مع مشروع الحزام والطريق التي ترعاه بكين.
في المحصِّلة، تُثبت كل الأحداث أن مصر تجد نفسها اليوم أمام تحدي الصداقة الأميركية والانتقال الى المحور الآخر، إن أرادت التفكير ملياً بمصالحها الاستراتيجية والبعيدة المدى، فبالإضافة إلى مخططات الولايات المتحدة فإن العدو "الإسرائيلي" يهدد الأمن القومي المصري عبر شراكته بالممر الهندي أولاً، ومشروع قناة بن غوريون ثانياً، ومحاولات دفع الفلسطينيين للتهجير باتجاه سيناء والسيطرة على محور فيلادلفيا ثالثاً، لذا فإن القاهرة اليوم تسابق الزمن لاختيار طريقها في صراع المصالح، لكن دون وصول القاهرة إلى بر الأمان، مفترق طرق، بخيارات ضّيِّقَة.