عزت ابو علي – LebanonOn
يعيش لبنان منذ العام 2019 أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة وصفها البنك الدولي وصندوق الدولي بالأعنف في تاريخ لبنان والعالم.
ومنذ ذلك الحين يتقاذف المسؤولون الاتهامات حول من يتحمَّل مسؤولية الانهيار، فيما لم يترك الواقع المعيشي الأليم للبناني فرصة ولو ضئيلة للبحث عن المسببين، لأن تأمين قوته اليومي بات أولوية الأولويات.
لكن الضَّالة اليوم وُجِدت في مجلس النواب، حينما أقرَّ النائب الدكتور عبد الرحمن البزري بأن راجح هو المسؤول عمَّا وصل إليه لبنان في ظل تملُّص المسؤولين من الاعتراف بما ارتكبوه، فمن هو راجح؟
في مسرحية "بياع الخواتم" الغنائية، ابتدع الرحابنة شخصية "راجح" التي أصبحت جزءاً من المثل الشعبي اللبناني.
تقول الرواية إن مختاراً كان يشغل أبناء قريته بقصص يرويها عن شخصية إجرامية تمثل "الشر المطلق"، هدفها الدائم أذية القرية وأبنائها، وأطلق المختار اسم راجح على هذه الشخصية.
كان المختار يُوهِمُ الجميعَ بأنه كان يخوض معارك يومية مع راجح لحماية القرية، وأن بطولات هذا المختار هي التي حمت أهل القرية ومنعت المجرم من القضاء عليهم.
توضح هذه القصة مسألة لبنان بشكل مُبسَّط، فالمجموعة المعروفة من اللصوص تقوم بأعمال سرقة وقرصنة في القرية "لبنان" على أساس أن المتهم الطبيعي سيكون "راجح"، والمختار وبالأصح المخاتير وما أكثرهم كانوا يعلمون بهذه اللعبة القذرة ووقعوا بين الكذبتين، من جهة ليس باستطاعتهم الدفاع عن راجح الذي يُمَثِّلُ الشرّ المطلق، وليس بمقدورهم فضح الكذبة التي بنوا عليها بطولاتهم الوهمية وزعامتهم للقرية "لبنان" من جهة أخرى.
على الرغم من فظاعة الجريمة فإن الجرم الأكبر هو الخوف من تكرار ما حصل، وفي النهاية تَتِمُّ تبرئة "راجح" من الجرائم على اعتبار أنه غير "راجح" الشرير، والأكثر رعباً هو معاقبة المجرمين على طريقة العدالة الرحبانية الفولكلورية، أو رُبَّمَا قانون "ساكسونيا" الذي كان يُطَبَّق في ولاية ساكسونيا في العصور الوسطى في ألمانيا، حين قرر المشرعون وقتذاك تطبيق عقوبة الجلد على ظِلِّ النبلاء والأوليغارشيين لا على أجسادهم!!!.