عزت ابو علي - LebanonOn
بعد أشهر من الأخذ والرد والدراسات التي قيل عنها إنها "مُعمَّقة" اجتمع مجلس النواب في جلسة تشريعية لمناقشة مشروع الموازنة تمهيداً لإقرارها.
في بداية الجلسة سجَّل النائب التغييري ملحم خلف موقفاً يُعتبر سابقةً في تاريخ جلسات مجلس النواب، حين انتفض على الواقع البرلماني الحالي متوجِّهاً إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري بالقول "عند خلو سدة الرئاسة لا أولوية تتقدم على انتخاب رئيس للجمهورية والمجلس الملتئم اليوم منعقد حكماً وبقوة القانون لانتخاب رئيس وهو ملزم بهذا الموجب امتثالاً لأحكام المادة 74 و75 و49 خصوصاً أن النصاب مكتمل"، وتابع خلف " "أطلب الشروع فوراً في انتخاب رئيس لأن ما يحصل هو انقلاب على النظام وسأخرج كبطل من المجلس لأنني لن أخالف الدستور"، قبل أن يُغادر الجلسة.
وتعليقاً على ما حصل أكد النائب ملحم خلف في حديث لـ LebanonOn رفضه المشاركة في الجلسات التشريعية في ظل غياب رئيس للجمهورية، وشدَّد على أن المعايير الدستورية تقضي بانتخاب رئيس للجمهورية قبل ممارسة مجلس النواب لمهامه التشريعية، وذَكَّر بأنه منذ 370 يوماً لا يغادر البرلمان ويُنادي بانتخاب رئيس للجمهورية.
وشدَّد خلف في حديثه لـ LebanonOn على أنَّه مؤتمن على وكالة منحه إياها الشعب اللبناني من خلال الانتخابات ولا يستطيع المساس بها، ورأى أنَّ هذه الأمانة تفرض عليه وعلى جميع النواب انتخاب رئيس للجمهورية وهو ما يُعَدُّ أولوية الأولويات، لأن عدم انتخاب الرئيس هو المسبب الأول للتفلت الكلي والنتائج الوخيمة الموجودة اليوم على الأرض، وما النتائج التي وصل إليها لبنان إلا بسبب عجز الحكومة الذي يقوم بتغطيته المجلس النيابي، هذا بالإضافة إلى ضرب الديمقراطية بعرض الحائط فضلاً عن المفاهيم القانونية والدستور وسيادة القانون.
ولفت خلف إلى أن ما قام به هو نقل صوت الناس وأوجاعهم إلى داخل المجلس النيابي، وشدَّد على أن المسؤولية تفرض عليه التمسك بانتخاب رئيس للجمهورية، وأكد أن أي جلسة تشريعية هي مخالفة للدستور في ظل غياب رئيس للدولة، واستند في ذلك إلى المواد 74 و 75 و 49 التي تنص على ضرورة اجتماع المجلس "فوراً وبحكم القانون" لانتخاب الرئيس، وهذا ما يدل على أن الجلسة كان من المفترض أن تكون لانتخاب الرئيس ولا يمكن تخطي هذا الأمر وخاصة وأن النصاب لذلك كان مكتملاً.
ووصف خلف ما يحصل اليوم بتعليق أحكام الدستور وكرَّر ما قاله الخبير الدستوري حسن الرفاعي الذي يعتبر أن "الحيلولة المتعمدة دون انتخاب رئيس للجمهورية هي تعطيل للنظام وانقلاب عليه".
وأكد خلف في حديثه لـ LebanonOn على أنَّه من غير المقبول السكوت عن هذا الانقلاب ووعد بمواجهته بخطوات ثابتة، دائمة، مستمرة والمثابرة عليها، وحمَّل خلف الـ 128 نائباً مسؤولية عدم انتخاب رئيس للجمهورية.
وحول الأحاديث التي تقول بإنه كان من الأفضل للنائب خلف بعد تسجيله للموقف التاريخي البقاء في الجلسة والتصويت بالرفض على هذه الموازنة، أكد خلف في حديثه لـ LebanonOn أن الانسحاب كان أفضل لأنه من المعيب أن يكون تطبيق الدستور انتقائياً، بل أن من أولويات الدستور حماية مبادئ استمرارية السلطة وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية، والدليل على ذلك ما يُنادي به الرئيس نبيه بري على الدوام بأنه "في ظل عدم انتظام الحياة العامة فإنَّ المدخل لعودة ذلك هو انتخاب رئيس للجمهورية" ووصف ذلك بالازدواجية فالدستور بحسب خلف لا يجب أن يشهد ازدواجية معايير.
وعن الموازنة قال خلف بإن السلطة العاجزة التي قامت بصياغتها رمتها إلى المجلس النيابي بهدف تغطيتها، واستغرب الكلام حولها وانتقادها من قبل واضعيها وكأنها يتيمة، ووصفها بأنها كناية عن أرقام من دون رؤية وإصلاحات وهي في حقيقتها تشرعن وضع اليد في جيوب الشعب عبر الضرائب المُرهقة، في وقت تتحلَّل فيه مؤسسات الدولة بسبب إغلاق الدوائر الحيوية المٌنتِجة ويعيش موظفوها تحت نير الفقر والحرمان بعد انهيار قيمة رواتبهم.
ورأى خلف أن على من حَضَّرَ هذه الموازنة أن يتحمَّل مسؤوليتها، وهو ما يجب أن تقوم به الحكومة على عيوبها وعوراتها الكبيرة، ورفض تغطية ذلك في مجلس النواب، فدوره المراقبة والمحاسبة لعمل الحكومة وليس تغطية ذلك، لأنه يُعَدُّ انقلاباً وتكسيراً لقواعد الديمقراطية المتمثلة بفصل السلطات.
وعن انتخابات الرئاسة انتقد خلف انتظار الداخل لما سيقرره الخارج بشأن ذلك، وجدَّد التأكيد رفضه التام لهذه الخطوة لأن انتخاب الرئيس يكون من قبل ممثلي الشعب في البرلمان اللبناني.