عزت ابو علي – LebanonOn
لم يكن طول أمد العدوان الإسرائيلي غير المسبوق على قطاع غزة سيئاً على الفلسطينيين فقط، بل إن كل دقيقة زائدة في هذا العدوان باتت تُسرِّع من سقوط رئيس وزراء الاحتلال أكثر تولي زعماء إسرائيل السلطة بنيامين نتنياهو إلى غير رجعة.
وعلى قاعدة المثل القائل "إجا ليكحلها قام عماها" ارتدت طموحات نتنياهو سلباً عليه.
وبشهادة الصحافة العبرية فإن نتنياهو بات يضع حليفه الرئيس الأميركي جو بايدن في موقف حرجٍ أيضاً نتيجة تعنته المفرط بمتابعة الحرب، حيث كشفت الصحافة "الإسرائيلية" عن أن مقربين من بايدن نصحوه بالتعبير عن عدم ثقته بنتنياهو، لكونه يستمر بالحرب لأسباب شخصية، ويتملص من النقاش حول سؤال اليوم التالي للحرب، ولا يضع على رأس أولوياته قضية تحرير الرهائن.
ليس هذا فحسب، بل، إن بايدن وبحسب الصحافة العبرية بات حائراً في كيفية إنزال نتنياهو عن الشجرة، ودفعه باتجاه إنهاء الحرب، التي باتت تشكِّل خطراً حقيقياً على مسيرة بايدن السياسية فالعدوان على غزة يفاقم يوماً بعد آخر وضع سيد البيت الأبيض السياسي وهو الذي يمر بسنة انتخابات مفصلية فإما يكون أو لا يكون، وبالتالي بات بايدن يستعجل تحقيق إنجاز ديبلوماسي بغية تسويقه في دوائر الرأي العام الأميركي.
هذا الإنجاز الديبلوماسي يتمثَّل بحسب المراقبين بإعادة إحياء ملف تطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل"، حيث عاد هذا الملف إلى التداول بقوة، فالحل من وجهة نظر مستشاري بايدن بالضغط على السعودية لإعادة إحياء عملية التفاوض، لأن دوائر القرار في البيت الأبيض ترى أن الأمر سيُحفِّز نتنياهو على إنهاء عدوانه على قطاع غزة وبالتالي تسلُّح بايدن بإنجاز تاريخي يُسعِفُه في معركته الانتخابية التي توصله إلى حكم الولايات المتحدة الأميركية لولاية إضافية.
لكن الأمر ليس بهذه السهولة، حيث قال مصدر سعودي مطلع على القضية لـ LebanonOn إنَّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يُجمِّد كل المباحثات ولن يقبل ببحث الفكرة من دون وقف العدوان على غزة والسير بعملية سياسية جادة مع الفلسطينيين تمنحهم دولة مستقلة، وكشف عن أن الرياض غير مستعجلة، ليس هذا فحسب، بل، إنَّ بإمكان السعودية الانتظار حتى نهاية الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني المقبل لتتضح لديها صورة الإدارة الأميركية الجديدة وتبني على الشيء مقتضاه.
الضغط على نتنياهو وصل حد الخناق فالمعارضة "الإسرائيلية" رمت بأوراق اعتمادها في البيت الأبيض ولم تمانع قبول المقترح الأميركي لليوم التالي للحرب، والذي ينصُّ على تولي قوة عربية السيطرة على القطاع لفترة محدودة، قبل أن تتولى حكم غزة سلطة فلسطينية خاضعة لاتفاقيات أمنية تحظى بقبول "إسرائيل"، على أن تلتزم السعودية والإمارات بدعم السلطة الفلسطينية مادياً، وإعادة إعمار قطاع غزة.
هذا على المستوى الخارجي، أمَّا على المستوى الداخلي تسعى المعارضة في تل أبيب إلى إجراء انتخابات مبكرة ستُسقط نتنياهو حتماً بحسب نتائج استطلاعات الرأي، فحلفاء نتنياهو من المتطرفين يدعمون موقفه الرافض لإحياء "حل الدولتين".
وتتسلح المعارضة "الإسرائيلية" بتسريبات الجيش الذي كشف عن تضاؤل فرص تحقيق انتصار في غزة، والمستنقع الذي سيقع به في حال جنوح نتنياهو لفرض حرب شاملة على لبنان بالتوازي مع عملية عسكرية موسعة في الضفة الغربية، وترى المعارضة أن هذا الجنون سيضعف الدعم الأميركي، بينما مخططات التهجير للفلسطينيين الذي يريد نتنياهو تنفيذها من غزة باتجاه سيناء ومن الضفة باتجاه الأردن ستهدد اتفاقيات "السلام" مع مصر والأردن و"الابراهيمية" مع الإمارات والبحرين والمغرب، وتقضي على أية فرص لصنع "سلام" مع السعودية.
في المُحصِّلة، تدل كل المؤشرات على مأزق "إسرائيلي" فلا نصر في غزة، وعواصم القرار تريد حلاً تحقيقاً لمصالحها، وَمِمَّا بات واضحاً أن نتنياهو سيكون كبش الفداء لأية حلول مرتقبة.