عزت ابو علي – LebanonOn
لا تقل حرارة النار المندلعة في ميادين غزة عن تلك المشتعلة في كيان الاحتلال في مناقشات اليوم التالي للعدوان على غزة.
ويبدو أن حشد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو للمتطرفين من حوله لم يسعفه بل زاد الطين بلة، حيث اندلعت المشادات الكلامية وخرجت الأصوات خارج قاعة اجتماع المجلس الحربي عند مناقشة الهاجس الأكبر لإسرائيل "اليوم التللي للحرب".
المعركة اندلعت بين المجتمعين على خلفية قرار رئيس الأركان هرتسي هاليفي تعيين لجنة للتحقيق في المسؤولية عن أحداث 7 تشرين الأول، فيما اعتبر الوزراء المتشددون أن ذلك قد يضر بأمن كيان الاحتلال على المستوى القومي.
وزيرة النقل المتطرفة ميري ريغف توجهت بسؤال لرئيس الأركان حول لجنة التحقيق عن كيفية إدارة الحرب وصمت السياسيين عن الفشل فيها ورغبتهم بتأجيل التحقيقات إلى ما بعد إنتهائها، ووافقها في ذلك متطرف آخر وهو وزير التعاون الإقليمي دودي إمسلم حيث وبَّخ الأخير رئيس هاليفي حول سعيه من خلال التحقيقات لإشغال العسكريين بالدفاع عن أنفسهم بدل تفرُّغهم للميدان.
إزاء ذلك علا صوت رئيس الأركان بالقول إن ما يقوم به الجيش هو أمر مهني بحت لا علاقة للسياسيين به حول كيفية عمل العسكريين يوم السابع من شهر تشرين الأول الماضي.
وزير الحرب يوآف غالانت المُبعد قسراً على ما يبدو عن المشهد بقرار من نتنياهو كشف خلال الاجتماع عن عدم علمه بأي أمر يتعلق بالتحقيقات لكنه لم يرد إغضاب الجيش حين وقف إلى جانب هاليفي وقال لريغف إن هذا الأمر ليس من شأن السياسيين وأعلن دعمه لعملية تحقيق موسعة، لكن ريغف لم يعجبها الأمر وتوجهت إلى غالانت بالقول إن من حق السياسيين أيضاً الاشتراك بالتحقيقات فهذا أمر يتعلق بإسرائيل.
أما أكثر الوزراء تطرفاً المالية بتسلئيل سموترتش والأمن القومي ايتمار بن غفير فاعتبرا أن على الجيش أن يخضع للمساءلة حول فشله في صد هجوم حماس، ووصفا تعيين وزير الأمن الأسبق شاوول موفاز الذي أخذ قرار الانسحاب من غزة على رأس لجنة التحقيق بقرار من الجيش بالكارثة القومية وما يدل على ذلك قول بن غفير لهاليفي "أنتم ببساطة تسلمون القط (موفاز) مفتاح المخزن.
بدوره زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد اعتبر ما حصل من مشادات كلامية عاراً ودعا إلى حل المجلس الحربي وتغيير الحكومة على الفور إنقاذاً لإسرائيل.
لم يقف الأمر عند هذا الحد غالانت الضائع لم يرَ لدى سؤاله عن اليوم التالي للحرب جواباً إلا أن من سيحكم غزة عليه ألَّا يكون معادياً لإسرائيل، وهو ما سخر منه سموتريتش بالقول إن هذا الكلام سمعناه قبل الحرب كثيراً والحل هو بتهجير الفلسطينيين وإعادة الاستيطان إلى القطاع بعد احتلاله ورفض خطة غالانت بالكامل والتي تنص على قيادة الولايات المتحدة لوحدة متعددة الجنسيات لتولي مسؤولية إعمار القطاع وعزل مصر للحدود بشكل تام وتولي 30 ألف عامل فلسطيني المسؤوليات المدنية بتوجيه إسرائيلي في قطاع غزة .
ويُثبت الخلاف الثالث الذي اندلع بين نتنياهو وغالانت أن الأخير هو الطرف الأضعف ويبدو أن مسار تحميل المسؤوليات سيُلقى عليه عندما اشترط رئيس الوزراء عليه حضوره شخصياً عند اجتماعه بقادة الموساد والشاباك وإلَّا سيمنعه من لقائهم، ليخرج غالانت عن طوره ويتوجه لنتنياهو بالقول "أنت تضر بأمن الدولة" ويرد نتنياهو عليه أن الأجهزة الاستخبارية تتبع لقيادته مباشرة وهو مسؤول عنه وعنها.
حول الخلافات العميقة داخل كيان الاحتلال قال منسق الحكومة اللبنانية لدى قوات اليونيفيل العميد منير شحادة في حديث لـ LebanonOn إن رئيس أركان العدو يعتبر بمثابة قائد الجيش الإسرائيلي وهو أدرى من السياسيين بتفاصيل الميدان ومسار الحرب على الأرض.
ورأى العميد شحادة أن جيش العدو يتكبَّد الخسائر الفادحة بشكل يومي منذ قرار الدخول البري إلى قطاع غزة، وهو عاجز عن إكمال المعركة، حيث بدأ بسحب ألويته وكتائبه المقاتلة نتيجة الخسائر الفادحة وعلى رأس المنسحبين لواء غولاني الذي يُعَدُّ لواء النخبة في القوات الخاصة للاحتلال، وهذا ما لا تريد القيادة السياسية الالتفات إليه وهي تضغط على الجيش لإكمال المعركة التي وصفها بالخاسرة على جميع الصعد، فبحسب العميد شحادة فإن أي جيش في العالم مهما بلغت قوته لن يستطيع أن يكسب في حرب غزة نتيجة البنية التحتية للمقاومة وعزيمة رجالها ووضعية الميدان أي حرب الشوارع.
ورأى العميد شحادة أن التخبط بين العسكريين والسياسيين في كيان الاحتلال مرده إلى السقوف العالية التي وضعها السياسيون كالقضاء على حماس واستعادة الأسرى وفرض السيطرة على قطاع غزة وإصرارهم على تحقيق ذلك من قبل الجيش الذي أعلن عجزه عن القيام بذلك بعد أكثر من 90 يوماً على القتال، لذا فإن الجيش يرغب بإنهاء المعركة بأسرع وقت وما فَتحه للتحقيقات بشأن ما حصل يوم السابع من تشرين الأول الماضي إلا وسيلة للضغط على السياسيين من أجل العودة إلى الوراء وإفهامهم أن ما يطالبون به الجيش هو أمر من المستحيل أن يتحقَّق.